الدار البيضاء تشتعل سياسيا.. صراع حاد بين الأغلبية والمعارضة

وسط أجواء سياسية مشحونة وتبادل الاتهامات، تصاعد التوتر بين الأغلبية المسيرة لمجلس مدينة الدار البيضاء والمعارضة، مما كشف عن صراع جديد يعكس التحديات التي تواجه تسيير العاصمة الاقتصادية.
في جلسة ساخنة خلال الدورة الثانية لدورة فبراير العادية بمجلس المدينة، احتدم النقاش بين الأغلبية والمعارضة، حيث لم تتوانَ نبيلة الرميلي، عمدة الدار البيضاء، عن الرد بقوة على الانتقادات اللاذعة التي وجهها عبد الصمد حيكر، رئيس فريق العدالة والتنمية المعارض.
وبنبرة حادة، قالت: "اخرج وشاهد بعينيك واسأل البيضاويين! لا نريد كشف العيوب، فنحن نؤمن بالاستمرارية، ولا نقبل التبخيس. إنه لأمر مخزٍ! بل عليكم أن تشكرونا، لأننا لن نسمح بتمرير الأخطاء!".
تصريحاتها النارية فجّرت سجالًا سياسيًا محتدمًا زاد من حدة التوتر داخل المجلس.
جاء هذا التصريح في سياق الجدل الدائر حول أداء المكتب المسير والإنجازات التي تم تحقيقها خلال السنوات الثلاث الماضية.
الرميلي، التي بدت متوترة خلال حديثها، شددت على أن حصيلة مجلس المدينة إيجابية، مشيرة إلى أن العديد من الملفات العالقة منذ سنوات قد تم تحريكها، من بينها مشروع "الحنطات" بمقاطعة سيدي عثمان، الذي ظل معلقًا لفترة طويلة.
وأكدت أن المجلس الحالي يعمل على تحسين وضعية المدينة رغم الإكراهات والصعوبات التي تواجهها الإدارة الجماعية.
لكن هذا الدفاع القوي لم يكن كافيًا لإسكات الانتقادات، حيث شكلت نقطة تفويت قطعة أرضية إلى شركة الإيداع والتدبير موضوع خلاف حاد بين الأغلبية والمعارضة.
فالمعارضة، ممثلة في عدد من الأحزاب أهمها حزب العدالة والتنمية، رأت في هذا القرار تبذيرًا للمال العام وسوء تدبير واضح.
لم يتردد عبد الصمد حيكر في إعلان رفضه القاطع للاتفاق المبرم بين مجلس المدينة وشركة الإيداع والتدبير، والذي يتيح لهذه الأخيرة استغلال مساحة أرضية في منطقة سيدي عثمان بموجب كراء مؤقت، قبل أن يتم تفويتها نهائيًا بسعر 2500 درهم للمتر المربع.
وأكد أن هذه الصفقة تلحق ضررًا بمصلحة المجلس ولا تصب إلا في صالح جهات بعينها.
وشدد على أن الاتفاق يشوبه العديد من الخروقات، معتبرًا أن التبريرات التي تسوقها الأغلبية ليست سوى محاولة للتغطية على الاختلالات، واصفًا ما يجري بأنه مجرد مناورة لتمرير الصفقة دون مراعاة المصلحة العامة.
من جانبها، دافعت العمدة نبيلة الرميلي بقوة عن المشروع، مؤكدة أنه يمثل مكسبًا كبيرًا للبيضاويين، إذ سيساهم في خلق أكثر من 25 ألف فرصة عمل، وهو ما يشكل دفعة قوية للمدينة التي تحتاج إلى استثمارات ضخمة لتعزيز اقتصادها ودعم مسار التنمية المحلية.
المواجهة الكلامية لم تقتصر على العمدة والمعارضة، بل امتدت إلى باقي أعضاء المجلس، حيث شهدت الجلسة لحظات من التوتر وتبادل الاتهامات.
ففي الوقت الذي واصل فيه عدد من أعضاء المعارضة، خاصة من العدالة والتنمية، توجيه انتقاداتهم للأغلبية، رد نائب العمدة الحسين نصر الله بحزم قائلاً: "راه حتى حنا كنعرفو نقاطعو، حنا همنا هو نخدمو المدينة"، في إشارة إلى أن الأغلبية تفضل التركيز على العمل بدل الانخراط في المزايدات السياسية.
هذا الصراع السياسي الذي يزداد اشتعالًا قبيل عام واحد فقط عن الانتخابات، يعكس حجم التحديات التي تواجه تسيير مدينة بحجم الدار البيضاء، حيث يظل المواطنون في انتظار حلول ملموسة لمشاكلهم اليومية بدلًا من الصراعات الحزبية التي غالبًا ما تؤخر عجلة التنمية.