الرأس مال البشري.. هل نحن أمام كارثة اقتصادية مُؤجلة؟

الكاتب : عبد اللطيف حيدة

19 فبراير 2025 - 03:00
الخط :

في الوقت الذي تتسابق فيه الدول نحو تطوير كفاءاتها الصناعية، كشف تقرير صادم عن فشل ذريع في إدارة رأس المال البشري في المغرب.
التقرير الصادر عن الاتحاد العام لمقاولات المغرب (CGEM)، لمح إلى أن سياسة التكوين المستمر ليست سوى شعار أجوف، بينما تغرق الشركات في مستنقع البيروقراطية والجمود الإداري.

التقرير قال إن 9 في المائة فقط من الأجراء يستفيدون من التكوين المستمر!. رقم مخجل لدولة تسعى لتعزيز قدرتها التنافسية في السوق العالمية، خاصة عند مقارنته بدول مثل فرنسا (48.3%) وإسبانيا (55.4%).
هذا الرقم يسائل بالفعل "الكفاءات" المغربية التي تحمل حقيبات قطاعية ذات الصلة وترصد الميزانيات الضخمة تحت مظلة الحكومات المتعاقبة على تدبير الشأن العام الوطني عقودا من الزمن.
لكن الكارثة الحقيقية أن أقل من 1% من الشركات تستفيد من الآليات المتاحة للتكوين، ليس لغياب الفرص، بل بسبب "متاهة" إدارية لا تنتهي، تُفرغ كل المبادرات من محتواها وتحولها إلى حبر على ورق، وفق التقرير المذكور.

تكوينات خارج الخدمة!
ويتحدث التقرير عن فجوة صارخة بين التكوين وسوق العمل، حيث لا تتناسب المناهج مع الاحتياجات الحقيقية للصناعة، خصوصا في القطاعات المتقدمة كصناعة الطيران، التي تتطلب مهارات تقنية وابتكارية عالية.
ويلمح التقرير إلى أن الحكومات تترك العمال في مواجهة سوق متقلب دون تأهيل يواكب التطورات العالمية، مما يؤثر على الأداء وبالتالي على نمو البلاد وفعالية التدبير العمومي والخاص.

التقرير يؤشر على وجود رؤية ضبابية لمستقبل الوظائف، وعجز واضح عن استشراف التحولات القادمة، مما يضعان المغرب في موقع المتفرج على قطار التطور السريع، بينما يعاني اقتصاده من نزيف المواهب والكفاءات.
حتى البرامج القليلة الناجحة، مثل تجربة مدرسة الكيمياء بالقنيطرة، لا تزال مجرد استثناءات لا ترقى إلى مستوى الحلول الشاملة، يقول التقرير.

أما الحلول التي يقترحها الاتحاد العام لمقاولات المغرب، من توسيع التكوين بالتناوب إلى إقامة شراكات مع الجامعات، فهي ليست سوى وعود معادة إن لم تُترجم إلى إصلاحات جذرية تُحدث فرقًا ملموسًا.

إلى متى سيظل المغرب حبيس هذه الدوامة؟ ومتى يدرك صانعو القرار أن الاستثمار في رأس المال البشري ليس خيارًا، بل ضرورة حتمية، وإلا فالمستقبل لن يكون سوى سلسلة متواصلة من الأزمات والانهيارات؟

آخر الأخبار