كشف تقرير جديد عن المشاهد القاتمة التي تتكرر كل يوم على الطرقات بافريقيا. وتحتل هذه الأخيرة المرتبة الأولى عالميًا في معدلات الوفيات الناجمة عن حوادث السير.
ويسقط 19.6 ضحية على أساس كل 100 ألف نسمة يوميا، وفقًا لتقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية وبرنامج سياسات النقل في إفريقيا.
وجرى تقديم هذا التقرير على هامش المؤتمر الوزاري العالمي الرابع حول السلامة الطرقية، بمراكش. نزيف مستمر رغم التقدم الطفيف وعلى الرغم من الانخفاض النسبي في عدد الوفيات في 22 دولة إفريقية منذ عام 2010، إلا أن القارة السمراء لا تزال تحمل على عاتقها عبء أعلى معدل وفيات على الطرق.
وبينما تعد الحوادث المميتة كابوسًا عالميًا، إلا أن الفارق الصارخ بين الدول الإفريقية يكشف حجم التفاوتات في البنية التحتية، ومستويات الوعي، وتطبيق معايير السلامة.
من يدفع الثمن؟
في معادلة قاتلة، يبدو أن الرجال، والفئة العمرية ما بين 18 و59 عامًا، ومستخدمي الطرق الأكثر عرضة هم الأكثر دفعًا للثمن. فالمارة وحدهم يمثلون 31% من الوفيات، بينما يشكل راكبو الدراجات النارية والعجلات الثلاثية 17.5%، فيما يدفع راكبو الدراجات الهوائية 4.4% من إجمالي الضحايا، وهو ما يجعل الطرق الإفريقية مسرحًا لحرب غير متكافئة بين المركبات والضعفاء. التزام سياسي...
لكن هل يكفي؟
ورغم الجهود المبذولة من قبل مفوضية الاتحاد الإفريقي عبر الاتفاقيات الدولية والمبادرات الرامية لتحسين البنية التحتية والسلامة الطرقية، إلا أن النتائج لا تزال بعيدة عن الطموحات. فالاتفاقية الحكومية لتعزيز شبكة الطرق السريعة والميثاق الإفريقي للسلامة الطرقية تبقى خطوات مهمة، لكنها تظل غير كافية ما لم تُدعم بإجراءات صارمة وفعالة على أرض الواقع.
ما العمل؟
ويؤكد التقرير أنه لا يمكن تحقيق تحسن فعلي دون تبني مقاربة شاملة تأخذ بعين الاعتبار الركائز الرئيسية للسلامة الطرقية، ومنها تحسين تدبير السلامة على الطرق، وتطوير بنية تحتية أكثر أمانًا، وتعزيز سلامة المركبات، فضلًا عن فرض معايير سلوك صارمة لمستخدمي الطرق. إن الاستثمار في هذه المجالات لا يعد ترفًا، بل ضرورة حتمية لإنقاذ الأرواح.
مجرد تكرار للوعود؟
وسط حضور أكثر من 100 وزير من مختلف دول العالم، يشكل المؤتمر الوزاري العالمي حول السلامة الطرقية في مراكش منبرًا استثنائيًا لوضع خارطة طريق حقيقية تخرج إفريقيا من دوامة الدماء التي تنزفها طرقاتها. فهل سيتحول "الالتزام من أجل الحياة" من شعار إلى واقع ملموس، أم ستبقى شوارع القارة السمراء شاهدة على مآسٍ جديدة؟