البرلمان يدعو إلى تسخير التقنيات الذكية لإنقاذ المدن من الفوضى الحضرية

يشكل التحول الرقمي اليوم إحدى الركائز الأساسية لتطوير المدن الكبرى وتحسين جودة الحياة الحضرية، خصوصًا مع التحديات المتزايدة التي تفرضها الكثافة السكانية وحركة السير والجولان.
في هذا السياق، تبرز أهمية الحواسيب العملاقة ومراكز تحليل البيانات كأدوات حيوية لمحاكاة المشاكل الحضرية واستشراف الحلول الذكية، مما يسهم في تعزيز البنية التحتية الرقمية وتطوير المدن الذكية.
على الرغم من التقدم الذي أحرزته بعض المدن المغربية في مجال الرقمنة، إلا أن الاستثمار في البنية التحتية الرقمية لا يزال محدودًا، مما يؤثر بشكل مباشر على قدرة المدن على تبني حلول تعتمد على البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي.
هذا الواقع دفع البرلمان إلى التفاعل مع هذه القضية، حيث وجهت النائبة البرلمانية عن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، عائشة الكرجي، سؤالًا شفهياً إلى الوزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، متسائلة عن الخطوات التي تعتزم الحكومة اتخاذها لدعم المدن الكبرى في إنشاء مراكز وحواسيب عملاقة قادرة على محاكاة المشاكل الحضرية وتقديم حلول مستدامة.
وتتمثل أهمية هذه المراكز في قدرتها على تحليل كميات هائلة من البيانات المتعلقة بالبنية التحتية، وحركة المرور، وأنماط التنقل، والتخطيط العمراني.
فمن خلال تحليل هذه البيانات، حسب عدد من الخبراء يمكن للمدن المغربية تطوير سياسات حضرية أكثر كفاءة، وتعزيز إدارة المرور، وتخفيف الازدحام، وتقليل الانبعاثات الكربونية، وبالتالي تحسين نوعية الحياة للمواطنين.
وتعد هذه الخطوة ضرورية في ظل التحولات الرقمية المتسارعة التي تشهدها العديد من الدول المتقدمة، حيث أصبح الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة ركيزة أساسية في إدارة المدن الذكية.
وتشير التجارب الدولية إلى أن الاستثمار في الحوسبة العملاقة يسهم في تحسين استجابة المدن للأزمات، سواء تعلق الأمر بالكوارث الطبيعية أو الأزمات المرورية أو حتى التخطيط المستدام.
ففي بعض المدن العالمية، يتم استخدام هذه التقنيات لتحديد المناطق التي تعاني من اختناقات مرورية متكررة، واقتراح حلول ذكية مثل تعديل توقيت إشارات المرور أو تحسين البنية التحتية للطرق بشكل استباقي.
ومن خلال تفعيل هذه التقنيات في المدن المغربية، يمكن تحقيق نقلة نوعية في إدارة المرافق الحضرية، مما سينعكس إيجابًا على النمو الاقتصادي والاستدامة البيئية.
ورغم أهمية هذه الخطوة، إلا أن تنفيذها، حسب ما أكدته المعارضة البرلمانية مرارا، أنه يتطلب استثمارًا كبيرًا في البنية التحتية الرقمية، بالإضافة إلى تأهيل الكوادر الوطنية القادرة على التعامل مع هذه الأنظمة المتقدمة.
ومن هنا تبرز الحاجة إلى وضع استراتيجية وطنية متكاملة تهدف إلى تعزيز الرقمنة، ودعم البحث العلمي والتطوير التكنولوجي، وإنشاء شراكات مع القطاع الخاص والمؤسسات الأكاديمية من أجل ضمان نجاح هذه المشاريع الطموحة.
وفي ظل هذه التحديات، يبقى السؤال الأهم هو مدى استعداد الوزارة الوصية لتخصيص الموارد اللازمة لتفعيل هذا المشروع، ومدى قدرتها على تسريع وتيرة التحول الرقمي ليشمل مختلف القطاعات الحضرية.