ارتفاع تكاليف العلاج الكيميائي بالمغرب.. بين معاناة المرضى وضرورة الإصلاح

الكاتب : انس شريد

09 مارس 2025 - 10:00
الخط :

يواجه مرضى السرطان في المغرب معركة مزدوجة، حيث لا تقتصر معاناتهم على الألم الجسدي فقط، بل تمتد إلى العقبات المالية التي تحول دون حصولهم على العلاج اللازم.

ومع استمرار ارتفاع تكاليف العلاج الكيميائي، يجد كثير من المرضى أنفسهم في مواجهة مأساة إنسانية تفرض عليهم خيارات صعبة بين تحمل الأعباء المالية الباهظة أو التخلي عن الأمل في الشفاء.

تكاليف العلاج الكيميائي تعد من أبرز التحديات التي تثقل كاهل المرضى وأسرهم، حيث باتت الأدوية والعلاجات الضرورية لمحاربة السرطان من بين الأغلى على مستوى القطاع الصحي.

وعلى الرغم من وجود تغطية صحية عبر الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، إلا أنها تظل غير كافية، إذ لا تتحمل الدولة سوى 95% من التكاليف، ما يعني أن المريض مطالب بسداد نسبة 5% من علاجية.

قد يبدو هذا الرقم ضئيلًا، لكنه يصبح عبئًا كبيرًا في ظل أسعار العلاجات التي قد تصل إلى ملايين السنتيمات شهريًا.

هذه الأزمة المالية لا تقتصر فقط على الأدوية، بل تمتد إلى تكلفة الفحوصات الطبية، جلسات العلاج الإشعاعي، العمليات الجراحية، والتنقل إلى المراكز الصحية المتخصصة، خاصة أن عدد هذه المراكز لا يزال محدودًا، ما يضطر العديد من المرضى إلى قطع مسافات طويلة لتلقي العلاج في المدن الكبرى.

الانتظار الطويل لتحديد مواعيد العلاج والتشخيص المتأخر بسبب نقص المعدات الطبية الحديثة يفاقمان الوضع، حيث إن التأخير في العلاج قد يقلل من فرص الشفاء ويزيد من معاناة المصابين.

وسط هذه التحديات، برزت مطالبات متزايدة بضرورة توفير تغطية صحية شاملة ومجانية لمرضى السرطان، كان آخرها السؤال الذي وجهته النائبة البرلمانية عن حزب الأصالة والمعاصرة إلهام الساقي إلى وزارة الصحة، داعية إلى أن يتحمل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي جميع تكاليف العلاج الكيميائي والإشعاعي بنسبة 100%.

وعلى الرغم من وجود تغطية صحية عبر الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، حسب النائبة البرلمانية إلا أنها تظل غير كافية، إذ لا تتحمل الدولة سوى 95% من التكاليف، ما يعني أن المريض مطالب بسداد نسبة 5% من علاجية.

هذه المبادرة تعكس الوعي المتزايد بضرورة إصلاح النظام الصحي، لكنها تثير في الوقت ذاته تساؤلات حول مدى قدرة الدولة على تحمل هذا العبء المالي الكبير في ظل التحديات الاقتصادية التي يواجهها المغرب.

في محاولة لمعالجة هذه الأزمة، وضعت وزارة الصحة خطة استراتيجية تمتد حتى 2029، تهدف إلى تقليل معدلات الإصابة والوفيات، وتحسين جودة الرعاية الصحية المقدمة للمصابين.

وتشمل هذه الاستراتيجية تعزيز برامج الكشف المبكر، توسيع نطاق العلاجات المتاحة، ودعم البحث العلمي لإيجاد حلول أكثر كفاءة وأقل تكلفة.

لكن هذه الخطة تظل رهينة بالتنفيذ الفعلي والتنسيق بين جميع الأطراف المعنية لضمان تحقيق نتائج ملموسة يشعر بها المرضى في حياتهم اليومية.

يبقى مرضى السرطان في المغرب في انتظار حلول ملموسة تعفيهم من المعاناة المالية التي تزيد من وطأة مرضهم.

ورغم الجهود المبذولة، فإن الطريق لا يزال طويلًا لتحقيق نظام صحي أكثر عدالة وشمولية، يضمن لكل مريض الحق في العلاج بغض النظر عن وضعه المالي أو مكان إقامته.

فهل ستتمكن الحكومة من تحويل هذه المطالبات إلى إجراءات فعلية تخفف من معاناة آلاف المرضى، أم أن الأزمة ستظل قائمة، تاركة المرضى يواجهون مصيرهم بمفردهم؟

آخر الأخبار