فاجعة طفلة بركان تعيد ملف البالوعات المكشوفة إلى الواجهة

أثارت الحادثة المأساوية التي راحت ضحيتها الطفلة يسرى في مدينة بركان موجة غضب واسعة، بعدما جرفتها السيول داخل بالوعة صرف صحي مفتوحة، في مشهد مؤلم يعكس حجم الإهمال الذي يهدد سلامة المواطنين، خصوصًا الأطفال.
هذه الفاجعة أعادت النقاش حول مسؤولية الجهات المعنية في مراقبة المرافق العامة وصيانتها، وألقت الضوء على ظاهرة سرقة أغطية البالوعات التي تحولت إلى خطر يومي في عدد من المدن المغربية.
لم تكن هذه الحادثة الأولى من نوعها، فقد شهد المغرب خلال الساعات الماضية حادثًا مماثلًا في إقليم الفقيه بن صالح، حيث لقي طفل آخر مصرعه غرقًا في إحدى "الصفايات"، مما يعكس تزايد مثل هذه الحوادث التي ترتبط مباشرة بالبنية التحتية المهترئة وسرقة أغطية البالوعات.
جمعيات حقوقية ومدنية، وعلى رأسها منظمة "ما تقيش ولدي"، سارعت إلى دق ناقوس الخطر، محذرة من استمرار هذه الظاهرة التي تهدد أرواح الأطفال وسلامة المواطنين.
وشددت المنظمة في بيان لها على ضرورة التحرك العاجل لتشديد المراقبة، وفرض عقوبات صارمة على المتورطين في سرقة الأغطية أو ترك البالوعات مكشوفة دون تشوير أو إجراءات سلامة مناسبة.
وسلط البيان الضوء على خطورة فتح مجاري الصرف الصحي خلال فترات الأمطار دون اتخاذ الاحتياطات اللازمة، مؤكدًا أن هذا السلوك غير المسؤول قد يؤدي إلى كوارث إنسانية.
كما دعت المنظمة إلى توعية الأطفال وتحذيرهم من الاقتراب من هذه الأماكن الخطيرة، مع تفعيل خط ساخن للإبلاغ عن أي بالوعة مكشوفة قبل وقوع حوادث مميتة.
الغضب الشعبي لم يتوقف عند التنديد، بل امتد إلى مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أطلق نشطاء مغاربة حملات إلكترونية تحت وسم "#أوقفوا_سرقة_الأغطية" و**"#محاسبة_المسؤولين"**، مطالبين بإنهاء هذه الظاهرة التي تهدد سلامة المواطنين.
ودعا النشطاء إلى تفعيل كاميرات المراقبة في الشوارع، وتغليظ العقوبات على السارقين وتجار الحديد الذين يشترون هذه الأغطية، بالإضافة إلى تحميل المسؤولية للجهات المعنية عن أي إهمال يؤدي إلى وقوع كوارث مماثلة.
في مدينة الدار البيضاء، حيث يتكرر مشهد اختفاء أغطية البالوعات في أحياء مثل مولاي رشيد والتشارك، يتحدث السكان عن معاناة يومية مع هذه الظاهرة التي تهدد حياتهم، خاصة في الليل أو أثناء الأمطار.
ويعتبر السائقون أن غياب الأغطية يشكل خطرًا كبيرًا على حركة السير، بينما يحذر آخرون من أن هذه الفتحات المكشوفة قد تتسبب في إصابات خطيرة أو حتى مآسٍ كما حدث مع الطفلة يسرى.
وبحسب شهادات محلية بالدار البيضاء، فإن اختفاء أغطية الصرف الصحي بات ظاهرة مقلقة، إذ تُباع في السوق السوداء بثمن زهيد لا يتجاوز 15 درهمًا، بينما يدفع الأبرياء الثمن بأرواحهم.
على المستوى القانوني، فتحت السلطات تحقيقًا لكشف ملابسات الحادث، في حين استمرت الضغوط الشعبية لمطالبة الحكومة بالتدخل العاجل لوقف هذه الحوادث المتكررة.
وطالب المواطنون بإيجاد حلول دائمة، مثل اعتماد أغطية مصنوعة من مواد غير قابلة للبيع، أو وضع شبكات معدنية داخل البالوعات تمنع سقوط الأشخاص حتى في حال اختفاء الغطاء.
ويؤكد العديد من الحقوقيين أن هذه الفاجعة يجب أن تكون نقطة تحول في التعاطي مع ملف السلامة في الفضاء العام، من خلال إجراءات أكثر صرامة، تشمل تعزيز المراقبة الأمنية، وتسريع التدخلات لمعالجة أي وضعية تهدد حياة المواطنين.