55 شكاية صادمة.. أطفال زلزال الحوز بين الزواج القسري والابتزاز

شهدت المناطق المتضررة من الزلزال سلسلة من الانتهاكات التي استهدفت حقوق الأطفال، ما دفع السلطات القضائية إلى فتح تحقيقات معمقة لرصد هذه الخروقات والتعامل معها وفق القانون.
وواصلت رئاسة النيابة العامة، تنفيذ توجهاتها الاستراتيجية المتعلقة بحماية الأطفال، ساعية إلى ترسيخ ثقافة إيلاء الأولوية لعمل النيابات العامة من أجل تحقيق مصالحهم الفضلى.
وقد تجلّى هذا السعي، حسب تقريرها السابع، من خلال معالجة وتتبع الإشعارات الواردة عليها من مختلف المحاكم، حيث بلغ عدد الإشعارات التي تلقتها بشأن قضايا الطفولة ما مجموعه 171 إشعارًا، تعاملت معها النيابة العامة بحزم وفعالية، وذلك بتنسيق مع مختلف شبكات المواطنين والمؤسسات المعنية.
كما شمل الاهتمام تتبع وضعية الأحداث المودعين في مراكز الإيواء، حيث تم اتخاذ القرارات المناسبة وفقًا لما تقتضيه المصلحة الفضلى للأطفال.
علاوة على ذلك، أكد التقرير أنه تم تعزيز أشكال التعاون والتفاعل مع مختلف المتدخلين في مجال حماية الطفولة، سواء على المستوى الوطني أو الدولي، لضمان استجابة فعالة لحاجيات الأطفال القانونية والاجتماعية.
في سياق متصل، برزت الجهود المبذولة لحماية الأطفال ضحايا زلزال الحوز الذي وقع في 8 شتنبر 2023، حيث يُعد الأطفال الفئة الأكثر هشاشة في حالات الطوارئ والكوارث الطبيعية، نظرًا لكونهم أكثر عرضة للانفصال عن أسرهم، مما يزيد من فرص تعرضهم لمختلف الانتهاكات وسوء المعاملة، خاصة الاستغلال الجنسي.
وقد استجابت رئاسة النيابة العامة بسرعة لهذه الأزمة، إذ فعّلت الأدوار المنوطة بها في ضمان الحماية القانونية للأطفال المتضررين من الزلزال.
واتخذت النيابات العامة تدابير صارمة للتصدي لأي ممارسات غير قانونية يمكن أن تمس الأطفال في ظل هذه الأوضاع، حيث تم تلقي ومعالجة 136 إشعارًا يتعلق بالأحداث المودعين في مراكز الإيواء.
كما أظهرت التقارير الواردة أن مختلف شبكات المواطنين لعبت دورًا محوريًا في التبليغ عن حالات الأطفال المحتاجين للمساعدة، حيث تم تلقي 115 إشعارًا إلكترونيًا عبر المنصات المخصصة لهذا الغرض.
ووفقًا للمعطيات الرسمية، تم تسجيل 55 شكوى تتعلق باعتداءات مختلفة على الأطفال في هذه المناطق، ما استدعى تحركًا عاجلًا من الجهات المختصة لضمان محاسبة المسؤولين عن هذه الأفعال.
بحسب المعلومات الواردة في التقرير القضائي، فقد توزعت الشكاوى بين مصادر متعددة، حيث جاءت 53 منها من أفراد، بينما سجلت جمعيات حقوقية شكويين إضافيتين.
وقد تم تقديم هذه الشكاوى، حسب تقرير النيابة العامة عبر منصات إلكترونية متخصصة وشبكات التواصل الاجتماعي، ما يعكس وعيًا متزايدًا لدى المواطنين بضرورة التبليغ عن التجاوزات التي تمس حقوق الأطفال وسلامتهم.
الانتهاكات المبلغ عنها شملت مجموعة من الممارسات المقلقة، أبرزها استغلال الأطفال في الزواج القسري عبر إبرام عقود زواج دون احترام السن القانونية.
ووفقا لذات التقرير فقد تم الإبلاغ عن تعرض أطفال من المتضررين للابتزاز من خلال الضغط عليهم لالتقاط صور ونشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وهي ممارسات تتعارض مع القوانين المنظمة لحماية القاصرين.
كما شملت الشكاوى تحرشًا جنسيًا واحتمال وقوع اعتداءات ذات طابع جنسي على الأطفال، وهو ما دفع الجهات المعنية إلى التحرك الفوري لتقديم الدعم النفسي والقانوني للضحايا.
وفي خطوة عملية للتصدي لهذه الجرائم، بادرت النيابة العامة إلى فتح تحقيقات قضائية موسعة، حيث تم توزيع الملفات على مختلف الدوائر القضائية المختصة لضمان متابعة دقيقة.
ووفقًا للتقرير، فقد تم تحويل 51 قضية إلى الدائرة القضائية بمراكش، في حين أحيلت القضايا المتبقية إلى كل من الرباط، ورزازات، أكادير، والدار البيضاء، بمعدل قضية واحدة لكل مدينة.
بهذه الجهود، أكدت النيابة العامة التزامها بحماية الأطفال وضمان حقوقهم، سواء في الأوضاع العادية أو خلال الأزمات، من خلال تعزيز آليات الرصد والاستجابة والتنسيق مع جميع الفاعلين في المجال، ما يعكس توجهًا مستدامًا نحو بناء منظومة حماية متكاملة للأطفال في المغرب.
ومع استمرار التحقيقات، يبقى الرهان الأساسي على تعزيز آليات الرصد والتبليغ لحماية الفئات الهشة من الاستغلال والانتهاك، وضمان تقديم المتورطين إلى العدالة ليكونوا عبرة لغيرهم.