وجبات المستشفيات العمومية تحت المجهر... مرضى يشتكون وأطر صحية تنتفض

تشكل جودة التغذية داخل المستشفيات العمومية عنصراً حاسماً في رحلة تعافي المرضى، حيث تُعد الوجبات الصحية والمتوازنة جزءاً لا يتجزأ من العلاج والرعاية الطبية.
ومع ذلك، تزايدت مؤخراً الشكاوى حول ضعف مستوى التغذية المقدمة للمرضى في عدد من المستشفيات العمومية، ما أثار موجة من الجدل حول دور شركات المناولة التي تتولى هذه المهمة، وفعالية وزارة الصحة والحماية الاجتماعية في مراقبة هذه الخدمات.
وتُشير شهادات بعض المرضى وذويهم إلى معاناة حقيقية بسبب ضعف جودة الوجبات المقدمة، حيث أشاروا إلى افتقار هذه الوجبات إلى العناصر الغذائية الأساسية التي يحتاجها المرضى، فضلاً عن قلة التنوع وضعف الاهتمام بمعايير التخزين والتقديم.
هذه المعطيات أثارت انتباه البرلمانية نادية بزندفة، التي وجهت سؤالاً كتابياً إلى وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، معربة عن قلقها إزاء اعتماد المستشفيات العمومية على شركات المناولة الخاصة.
وتساءلت النائبة البرلمانية عن مدى التزام هذه الشركات بالمعايير الصحية والغذائية المنصوص عليها في دفاتر التحملات، معتبرة أن غياب آليات رقابية صارمة أدى إلى تهاون بعض الشركات في الالتزام بشروط الجودة والسلامة الغذائية.
وطرحت البرلمانية تساؤلات حول التدابير التي تعتمدها الوزارة لضمان تقيد هذه الشركات بالعقود المبرمة، وكيف يتم التعامل مع الشركات التي تُثبت مخالفتها لهذه الالتزامات؟
لم يقتصر الأمر على المرضى وحدهم، بل امتد ليشمل الأطر الصحية نفسها، إذ أثارت وجبات العاملين بنظام الحراسة في المركز الاستشفائي الجهوي لبني ملال حالة من الغضب والاستياء.
العاملون وصفوا الوجبات المقدمة لهم بأنها هزيلة ولا تليق بمستوى الخدمة التي يقدمونها.
ومع حلول شهر رمضان، ازدادت حدة التذمر مع تراجع جودة الوجبات بشكل ملحوظ، ما اعتبروه إهانة واضحة لهم في ظل الجهود التي يبذلونها داخل المستشفى.
وفي خطوة تصعيدية، أعلن الأطر الصحية بالمستشفى الجهوي بني ملال مقاطعتهم للوجبات المقدمة احتجاجاً على ما وصفوه بالاستخفاف بحقوقهم.
وأكد المكتب النقابي التابع للاتحاد المغربي للشغل في بيان رسمي أن الشركة المسؤولة عن الإطعام، إلى جانب إدارة المستشفى، لم تُظهر أي تجاوب يُذكر مع مطالب الأطر الصحية في تحسين جودة التغذية.
وشدد المكتب النقابي على أن التغذية الملائمة تُعد حقاً مشروعاً للعاملين في القطاع الصحي، خاصةً في ظل طبيعة عملهم الشاقة وساعات عملهم الطويلة، مؤكداً أن الميزانية الضخمة التي تُخصص لهذه الخدمة يجب أن تنعكس في جودة الوجبات المقدمة.
هذه الأزمة المتصاعدة فتحت الباب أمام نقاش أوسع حول جدوى استمرار الاعتماد على شركات المناولة في تقديم خدمات التغذية بالمستشفيات العمومية.
فبينما تُسند هذه المهمة إلى شركات خاصة بدعوى تخفيف الأعباء الإدارية والمالية على المستشفيات، تتزايد التساؤلات حول مدى كفاءة هذه الشركات في تلبية احتياجات المرضى والأطر الصحية على حد سواء.
وأمام هذه المعطيات، يطالب العديد من المهنيين والمتابعين للشأن الصحي باعتماد بدائل أكثر نجاعة، مثل تجهيز مطابخ داخلية تحت إشراف طاقم متخصص في التغذية، لضمان توفير وجبات صحية ومتكاملة تلبي احتياجات المرضى وتعزز من ظروف عمل الأطر الصحية.
يبقى السؤال المطروح: هل ستستجيب وزارة الصحة والحماية الاجتماعية لهذا الجدل المتصاعد وتتخذ إجراءات حازمة لضمان حصول المرضى والأطر الصحية على تغذية لائقة؟ الأيام القادمة وحدها كفيلة بالإجابة.