جدل واسع حول مصير حراس الأمن بالمستشفيات العمومية.. إصلاح منتظر أم أزمة جديدة؟

الكاتب : انس شريد

17 مارس 2025 - 09:30
الخط :

يعد قطاع الأمن الخاص وخدمات النظافة من الأعمدة الأساسية التي ترتكز عليها العديد من المؤسسات العمومية والخاصة، حيث يضطلع العاملون فيه بأدوار جوهرية في تأمين وحماية المرافق وضمان بيئة نظيفة وآمنة.

غير أن هذه الفئة تجد نفسها في مواجهة مستمرة مع تحديات مهنية واجتماعية تحول دون تحقيق الاستقرار الذي تطمح إليه، في ظل عدم التزام العديد من الشركات المتعاقدة بدفاتر التحملات التي تؤطر هذا القطاع.

وتعاني شريحة واسعة من العاملين في هذا المجال من تأخر صرف أجورهم لفترات طويلة، فضلاً عن حرمانهم من التعويضات عن الساعات الإضافية، وغياب التصريح بهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، مما يجعلهم خارج دائرة التغطية الصحية والتقاعدية.

كما أن العديد من الشركات والمؤسسات تلجأ إلى إنهاء العقود بطرق تعسفية، دون احترام الحد الأدنى من الحقوق القانونية، ما يكرّس وضعية الهشاشة ويهدد مصدر رزق هؤلاء العمال.

في هذا السياق، أثار قرار وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أمين التهراوي، بإلغاء صفقات المناولة الخاصة بالحراسة والنظافة داخل المستشفيات العمومية، وإطلاق صفقات جديدة بمعايير أكثر صرامة، جدلاً واسعاً بين الفاعلين النقابيين والمتابعين للشأن الاجتماعي.

وبات واضحاً أن هذا القرار قد يحمل في طياته تحولات جوهرية، لكنه في المقابل يثير تساؤلات حول مدى فعاليته في تحسين ظروف العمل وضمان احترام حقوق المستخدمين.

وفي هذا الصدد، الكاتبة العامة للنقابة الوطنية لأعوان الحراسة الخاصة والنظافة والطبخ بالكونفدرالية الديمقراطية للشغل، لبنى نجيب، في تدوينة لها عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك أن هذا القرار قد يكون "ذو وجهين"، فمن جهة، فإن فرض احترام الحد الأدنى للأجور المحدد في 3266 درهماً خطوة إيجابية لضمان دخل محترم للعمال، إلا أن اشتراط مستوى تعليمي معين لحراس الأمن الخاص قد يشكل عائقاً أمام العديد من حراس الأمن الذين راكموا سنوات من الخبرة دون أن تتاح لهم فرصة الحصول على شهادات دراسية.

وتساءلت النقابية ذاتها: هل هذا القرار يمثل بالفعل "انتصاراً" لحراس الأمن الخاص، أم أنه مجرد إجراء تنظيمي قد يؤدي إلى استبعاد العديد من العاملين الحاليين؟ وأضافت أن المطلوب ليس فقط فرض شروط شكلية، وإنما العمل على توفير برامج تدريبية متخصصة لرفع كفاءة الحراس الحاليين، وضمان تطبيق مقتضيات مدونة الشغل لحماية حقوقهم من أي استغلال أو تجاوزات.

وطرح لبنى نجيب بديلا عن هذا القرار حيث قالت: “كان الأجدر السيد الوزير عوض إشتراط المستوى الدراسي ، الإستثمار في برامج تدريبية شاملة لحراس الأمن الخاص، لرفع كفاءتهم وتحسين قدراتهم، مع ضمان تطبيق جميع مقتضيات وأحكام مدونة الشغل بشكل فعّال، لحماية حقوق حراس الأمن الخاص والحد من الإستغلال"

من جانبه، أثار النائب البرلماني عبد الله بوانو استغرابه من طريقة تنفيذ هذا القرار، مشيراً إلى أن إلغاء الصفقات السابقة تم بطريقة غير معهودة عبر رسالة نصية (SMS) وُجهت إلى مديري الوزارة على المستوى الجهوي، دون توفير توضيحات كافية حول حيثيات القرار وأبعاده المالية والإدارية.

ورأى بوانو أن التعديلات الجديدة على دفاتر التحملات قد تتسبب في تضخم مالي كبير للصفقات، خاصة مع إدراج شرط المستوى الدراسي ضمن معايير التوظيف في قطاع الحراسة، ما قد يفتح المجال أمام استفادة شركات بعينها من هذه العقود بمبالغ مالية ضخمة.

وفي ظل هذا الجدل، يبقى الرهان الحقيقي هو مدى قدرة الدولة على ضمان تنفيذ هذه الإصلاحات بطريقة شفافة وعادلة، تحمي حقوق العاملين، وتفرض التزام الشركات الجديدة بالمعايير التي تضعها الوزارة، بعيداً عن أي استغلال أو تحايل على القوانين.

يظل تحسين أوضاع قطاع الأمن الخاص والنظافة ضرورة ملحة، لكن النجاح في ذلك لا يرتبط فقط بتعديلات شكلية في شروط التعاقد، بل يحتاج إلى رؤية شمولية تتضمن إصلاحات هيكلية، وبرامج تكوين مستمرة، وآليات رقابة صارمة لضمان بيئة عمل أكثر عدلاً واستقراراً.

فهل يكون هذا القرار بداية فعلية لإصلاح القطاع، أم أنه مجرد إعادة تدوير لشروط قد لا تصب في مصلحة العاملين فعلاً؟

آخر الأخبار