الوشايات المجهولة تفجر نقاشا ساخنا.. هل يقترب وهبي من إلغائها نهائيا؟

في قاعة البرلمان، حيث يحتدم النقاش بين مختلف الأطياف السياسية، تفجّر جدل واسع حول مسألة الوشايات المجهولة وقضية حفظ الشكايات من قبل النيابة العامة، وسط اتهامات بعدم وجود معايير موحدة تحكم هذا القرار الحساس.
نواب برلمانيون عبّروا عن مخاوفهم من "الانتقائية" في التعامل مع الشكايات، معتبرين أن التفاوت في قرارات الحفظ والمتابعة بين النيابات العامة يمس بمبدأ المساواة أمام القانون.
خلال اجتماع لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب، اليوم الثلاثاء، أشار سعد بنمبارك، البرلماني عن التجمع الوطني للأحرار، إلى التباين الواضح في تعامل النيابات العامة مع الشكايات، حيث تقوم بعض المحاكم بمتابعة الملفات وتحويلها إلى الضابطة القضائية، بينما تتجه محاكم أخرى إلى حفظها، دون وجود معايير موحدة لهذا الإجراء.
هذا التفاوت، برأيه، يخلق انطباعًا بعدم انسجام السلطة القضائية في قراراتها، مما يطرح تساؤلات حول آليات اتخاذ القرار داخل النيابة العامة.
من جهته، أثار عبد الله بووانو، رئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، قضية الوشايات المجهولة المصدر، مشيرًا إلى أن النيابة العامة تملك صلاحية فتح تحقيقات بناءً على ما يتم تداوله في الإعلام أو على مواقع التواصل الاجتماعي.
لكنه تساءل عن السبب وراء تحريك بعض القضايا في مدن معينة دون غيرها، والآلية التي يتم بها التحقق من جدية تلك الوشايات.
مخاوف بووانو لم تكن بمعزل عن انتقادات أخرى، حيث عبّر النائب عبد الصمد حيكر عن قلقه إزاء غياب معايير موحدة لحفظ الشكايات، ما قد يؤدي إلى تفاوت في القرارات بين المحاكم، رغم تشابه القضايا.
في حين ذهب البرلماني الاستقلالي الحسن العمود إلى اقتراح حذف الوشايات المجهولة من المسطرة الجنائية، باستثناء تلك المتعلقة بالأمن القومي، معتبرًا أن ترك المجال مفتوحًا أمام هذه النوعية من البلاغات قد يؤدي إلى استغلالها بشكل سلبي.
أما رد وزير العدل عبد اللطيف وهبي، فجاء صارمًا، حيث شدد على ضرورة التصدي للاستغلال غير المشروع للوشايات، مؤكدًا أنه لن يسمح بتحويل المواطن إلى "ضحية إشاعات ومزاعم بلا دليل".
وأعلن وهبي خلال أشغال الجلسة عن توجهه نحو إلغاء البحث في الوشايات المجهولة المصدر، مشيرًا إلى أنه يتلقى يوميًا المئات من البلاغات المجهولة، تتراوح بين اتهامات بالسرقة وأخرى تتعلق بعلاقات شخصية بين موظفين.
مؤكدًا أن "الوشاية المجهولة تعكس جبن صاحبها"، وأن أي شخص يتعرض لاتهامات باطلة بسببها سيتم إنصافه ومحاسبة من يقف وراءها.
النقاش حول حفظ الشكايات والوشايات المجهولة يظل مفتوحًا، في ظل تباين وجهات النظر بين النواب والوزارة الوصية، وبينما يتطلع الجميع إلى قانون مسطرة جنائية أكثر وضوحًا وإنصافًا، يبقى التساؤل مطروحًا: هل ستنجح التعديلات المرتقبة في تحقيق التوازن بين حماية الحقوق الفردية وضمان نجاعة العدالة؟