عجز الحكومة عن الوفاء بوعد مليون فرصة شغل يستنفر المعارضة

لا تزال البطالة في المغرب تشكل تحديًا كبيرًا يثقل كاهل الاقتصاد والمجتمع، حيث يتزايد القلق بشأن تفاقم الأوضاع، لا سيما في صفوف الشباب وخريجي الجامعات الذين يجدون أنفسهم في مواجهة سوق عمل محدود الفرص.
وعلى الرغم من وعود الحكومة بالإصلاح وسعيها لتنفيذ برامج تشغيلية، إلا أن المعطيات الرسمية تعكس صورة مغايرة، إذ كشف عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، عن ارتفاع معدل البطالة إلى 13.3% على المستوى الوطني، مما يعكس حجم التحدي الذي يواجهه المغرب في خلق فرص العمل وتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة.
وتشير الإحصائيات إلى أن الأزمة أشد وطأة في المناطق الحضرية، حيث بلغت البطالة 16.9% مقارنة بـ6.8% في الأوساط القروية.
هذه الأرقام تبرز بوضوح الفجوة العميقة بين سياسات التشغيل واحتياجات سوق العمل، ما يثير تساؤلات حول فعالية الاستراتيجيات الحكومية في معالجة هذا الملف الحساس.
البرلمان، بدوره، شهد نقاشات مستفيضة حول تفاقم البطالة، حيث حذرت المعارضة من استمرار تصاعد معدلاتها، خصوصًا بين الشباب خريجي الجامعات والمعاهد العليا.
ويرى العديد من البرلمانيين أن غياب التنسيق الفعّال بين السياسات القطاعية يفاقم من تعقيد الأزمة، ما يجعل الحلول المقترحة غير كافية لمواجهة التحديات الهيكلية التي يعاني منها سوق العمل.
ووجه رشيد حموني، النائب البرلماني، ورئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، طلبا إلى رئيس لجنة القطاعات الاجتماعية، وذلك لدعوة اللحنة للاجتماع في أقرب الآجال، لمناقشة موضوع: “التدابير الحكومية لمواجهة تفاقم البطالة”.
ودعا رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، إلى عقد اجتماع للجنة القطاعات الاجتماعية، بحضور وزير الادماج الاقتصادي والمقاولات الصغرى والتشغيل والكفاءات، وكاتب الدولة المكلف بالشغل، والمديرة العامة للوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات.
وأشار النائب البرلماني ذاته، إلى أن طلبه المتعلق بعقد لمناقشة التدابير الحكومية لمواجهة تفاقم البطالة، يأتي بناء بناءً على مقتضيات النظام الداخلي لمجلس النواب.
وسبق أن أقر نزار بركة، وزير التجهيز والماء، والأمين العام لحزب الاستقلال، خلال استضافته في برنامج "نقطة إلى السطر" على القناة الأولى، بأن تحقيق هدف توفير مليون فرصة عمل خلال هذه الولاية يظل تحديًا صعب المنال.
لكنه أكد أن الإصلاحات القادمة، خصوصًا في ميثاق الاستثمار، وتخفيض سعر الفائدة من قِبَل بنك المغرب، من شأنها أن تخلق ديناميكية اقتصادية تحفّز التشغيل.
من بين الإجراءات التي أشار إليها الوزير، رفع نسبة استفادة المقاولات الصغيرة والمتوسطة إلى 50% من المشاريع المتعلقة بالتحضير لمونديال 2030، وهي خطوة تهدف إلى تحفيز الاقتصاد المحلي وخلق فرص عمل جديدة.
هذا التوجه يعكس إدراك الحكومة لأهمية دعم المقاولات الوطنية في الحد من البطالة، إلا أن نجاحه يظل مرهونًا بمدى قدرة هذه الشركات على استيعاب الأعداد المتزايدة من الباحثين عن العمل.
ومع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، يجد حزب الاستقلال نفسه أمام تحدٍ مزدوج: الالتزام بالوعود الانتخابية المتعلقة بالتشغيل من جهة، والحفاظ على التماسك الحكومي من جهة أخرى.
وفي هذا السياق، شدد نزار بركة على أن الحزب يسعى إلى تصدر المشهد السياسي من خلال الوفاء بالتزاماته والتجاوب مع تطلعات المواطنين، معتبرًا أن من يريد الفوز بثقة الشعب يجب أن يكون صادقًا في وعوده وقادرًا على تنفيذها.
في ظل هذه المعطيات، يبقى الرهان الأكبر هو مدى قدرة الحكومة على تحويل الشعارات إلى واقع ملموس، فالبطالة ليست مجرد رقم في تقارير اقتصادية، بل هي معاناة يومية لشريحة واسعة من المغاربة.
والمشاركة المكثفة للمواطنين في الانتخابات المقبلة قد تكون مفتاحًا لإحداث تغيير حقيقي، يضع قضايا التشغيل والتنمية في صلب السياسات الحكومية، ويعيد الأمل لفئات طال انتظارها للحلول الفعالة.