النواب يشعلون النقاش حول حقوق الموقوفين.. ووهبي يرد بحزم

الكاتب : انس شريد

24 مارس 2025 - 09:30
الخط :

أثار مشروع قانون المسطرة الجنائية الذي جرى مناقشته اليوم الاثنين في لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب جدلًا واسعًا بين البرلمانيين، خاصة فيما يتعلق بظروف تغذية المشتبه فيهم رهن تدابير الحراسة النظرية في مخافر الشرطة والدرك الملكي.

وعبّر نواب من مختلف الفرق النيابية عن مخاوفهم من المبلغ الزهيد المخصص لإطعام الموقوفين، ومدى ملاءمة الوجبات المقدمة لوضعهم الصحي، خاصة في ظل تفاوت تكاليف المعيشة بين مختلف مناطق المغرب.

واعتبر بعض النواب أن تخصيص 50 درهمًا يوميًا لكل موقوف لا يعكس الواقع المعيشي، مطالبين إما بزيادة هذا المبلغ أو إدراجه ضمن المصاريف القضائية الخاصة بالموقوفين.

من جهتها، حذرت النائبة البرلمانية ربيعة بوجة من المجموعة النيابية للعدالة والتنمية من خطورة استخدام "التجويع" كوسيلة لانتزاع الاعترافات، متسائلة عما إذا كانت الصيغة الحالية للنص القانوني تعالج هذه الإشكالية بشكل كافٍ.

كما شدد النائب البرلماني سعد بنمبارك عن فريق التجمع الوطني للأحرار على ضرورة مراعاة الوضع الصحي للموقوفين، خاصة إذا كانوا يعانون من أمراض مزمنة مثل السكري، مشيرًا إلى أهمية توفير وجبات غذائية مناسبة وتمكينهم من الأدوية الضرورية على نفقة الدولة.

وفي معرض رده على هذه الملاحظات، أوضح وزير العدل عبد اللطيف وهبي أن مسؤولية تغذية الموقوفين كانت سابقًا تقع على عاتق عائلاتهم، وهو ما كان يشكل خطرًا صحيًا، إذ لم يكن الضباط يعرفون محتوى الوجبات التي يتم إحضارها، مما قد يؤدي إلى مشاكل صحية خطيرة قد تصل إلى الوفاة.

وأضاف وهبي أن الحكومة قررت منذ 2022 تخصيص ميزانية لهذا الغرض، مع تحديد المبلغ اليومي في 50 درهمًا لضمان تغذية الموقوفين بشكل آمن ومنظم.

إلى جانب ملف التغذية، شهدت جلسة المناقشة جدلًا آخر حول مفهوم التلبس والاعتقال الاحتياطي، حيث أكد وزير العدل أن "التلبس لا يعني الجريمة"، موضحًا أن النيابة العامة لا ينبغي أن تعتمد على "عقلية اتهامية" بل على "عقلية العدالة"، بحيث تبحث عن وسائل الإثبات والنفي على حد سواء، وليس فقط عن أدلة الإدانة.

وأشار وهبي إلى أن البحث في وسائل الإثبات يجب أن يخضع لمبدأ الشرعية، بينما وسائل النفي لا تخضع لنفس التقييم، مستدلًا بمثال سرقة وثيقة من مكتب ما لإدانة شخص معين، وهو ما ترفضه النيابة العامة باعتبارها وثيقة متحصّل عليها بوسيلة غير شرعية، بينما إذا كانت الوثيقة تثبت براءة المتهم، فيمكن الاستناد إليها.

كما أثارت مسألة حضور المحامي أثناء استنطاق المتهم نقاشًا حادًا، حيث تساءل وهبي عن مدى مسؤولية المحامي في حالة تسريب معطيات التحقيق، مشددًا على أنه "ليس كل المحامين ملائكة... وليس كل المحامين مجرمين".

ما يفتح الباب أمام تساؤلات قانونية حول ضمانات حضور المحامي في هذه المرحلة الحساسة من التحقيقات الجنائية.

ويبدو أن مشروع قانون المسطرة الجنائية يطرح العديد من الإشكالات القانونية والحقوقية، مما يجعل مناقشته فرصة لإحداث توازن بين حقوق الموقوفين وضمان تحقيق العدالة الجنائية، وسط دعوات لمزيد من الإصلاحات لضمان نزاهة الإجراءات واحترام حقوق الإنسان في المسار القضائي.

آخر الأخبار