ضعف تمكين النساء القرويات يكبد الاقتصاد الوطني خسائر فادحة

الكاتب : عبد اللطيف حيدة

27 مارس 2025 - 04:00
الخط :

كشفت المندوبية السامية للتخطيط عن معطيات مقلقة حول التمكين الاقتصادي للنساء بالمجالات القروية.
معطيات المندوبية أظهرت أن ضعف اندماج النساء القرويات في سوق الشغل كلف المملكة خسائر بلغت 2.2% من الناتج الداخلي الخام سنة 2019.
وأوضحت الدراسة الصادرة بعنوان "دراسة حول تقدير تكاليف الفرص الاقتصادية والاجتماعية لتمكين النساء القرويات اقتصاديا" أن 60.3% من النساء القرويات النشيطات يشتغلن كمساعدات عائليات دون أجر، مما يعكس هشاشة أوضاعهن الاقتصادية واستمرار الفجوة الجندرية في سوق العمل القروي.

الفجوة الجندرية

وأفاد التقرير بأن 70.5% من النساء القرويات العاملات لا يتلقين أي تعويض مالي، رغم أن عدد النساء القرويات بلغ 6.67 مليون نسمة سنة 2024، وهو ما يمثل 49% من إجمالي السكان القرويين. كما أن 57.2% منهن في سن النشاط الاقتصادي (15-59 سنة)، ما يجعلهن قوة ديموغرافية مهمة غير مستغلة بالشكل الأمثل.

وفي ظل هذا الواقع، لا تزال النساء القرويات يواجهن صعوبات جسيمة في الولوج إلى سوق العمل والتعليم، حيث بلغت نسبة الأمية بينهن 48.4%، مقارنة بـ27.9% بين الرجال القرويين.
ورغم هذه التحديات، فإن نسبة تشغيل النساء القرويات تفوق نظيراتهن في المدن، إذ تصل إلى 21.9%، مقابل 13.7% في الوسط الحضري.

بين التهميش والبطالة

وكشف التقرير أيضا عن أن 61.8% من الشابات القرويات بين سن 15 و29 سنة مصنفات ضمن فئة NEET، أي لا يدرسن ولا يعملن ولا يتلقين أي تكوين، بينما بلغت نسبة البطالة بين النساء القرويات الحاصلات على مؤهلات 38%، ما يبرز عمق الأزمة التي تواجهها هذه الفئة من المجتمع.

وأمام هذه التحديات، تزايدت وتيرة الهجرة النسائية من القرى إلى المدن بحثا عن فرص اقتصادية أفضل، إلا أن هذه الهجرة غالباً ما تتم في ظروف صعبة، حيث تواجه النساء تحديات اجتماعية واقتصادية جديدة تزيد من تعقيد وضعهن.

مستقبل مجهول

وأشار التقرير إلى انخفاض سن الزواج الأول منذ عام 2010، وارتفاع نسبة العزوبة بين النساء القرويات بعد سن الخمسين. كما أن معدل الخصوبة القروي، رغم أنه لا يزال أعلى مقارنة بالمناطق الحضرية (2.37)، إلا أنه يسير نحو التقارب بين المجالين، ما يعكس تحولات اجتماعية واقتصادية قد يكون لها أثر كبير على مستقبل المجتمعات القروية.

توصيات التمكين

ولمعالجة هذه التحديات، أوصت الدراسة بعدد من التدابير الرامية إلى تحسين وضعية النساء القرويات، أبرزها تحسين البنية التحتية والخدمات الأساسية، من خلال توسيع شبكات الكهرباء والمياه والصرف الصحي لضمان بيئة مواتية للعمل والإنتاج، وتسهيل الوصول إلى خدمات رعاية الأطفال، عبر إنشاء دور حضانة بأسعار مناسبة وتشجيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص.

كما أوصت المندوبية بتعزيز فرص العمل وريادة الأعمال، من خلال تطوير برامج تشغيل خاصة بالنساء القرويات، وتوسيع نطاق التمويل والمساعدات لتنمية مشاريعهن، والاستثمار في التعليم والتكوين المهني، عبر تحسين الولوج إلى التعليم الثانوي وتعزيز التكوين المهني الملائم لمتطلبات السوق.

وشدد المصدر على ضرورة إرساء سياسات للحماية الاجتماعية، لمواجهة تحديات الأجور المتدنية وعدم استقرار الوظائف، بالإضافة إلى توعية المشغلين بأهمية التنوع والإدماج، ومراجعة القوانين والتشريعات، بهدف إزالة العقبات البيروقراطية والتمييز القائم على النوع الاجتماعي، وتعزيز آليات الضمان والدعم المالي.

 

آخر الأخبار