ارتفاع ديون الكسابة يهدد عملية تحسين إنتاجية الأغنام

تواجه فئة مربي الماشية في المغرب أزمة غير مسبوقة بسبب ارتفاع الديون وتفاقم التحديات الاقتصادية التي تهدد بتحجيم إنتاجية الأغنام وتقويض استقرار هذا القطاع الحيوي.
يأتي ذلك في وقت تتزايد فيه الضغوط على الفلاحين والكسابة، الذين يعتمدون بشكل أساسي على تربية الأغنام والماعز كمصدر رئيسي للرزق، خصوصًا في ظل استمرار تداعيات الجفاف وارتفاع أسعار الأعلاف.
خلال السنوات الأخيرة، شهد المغرب نقصًا حادًا في الموارد المائية، مما أثر بشكل كبير على المراعي الطبيعية التي يعتمد عليها الكسابة في تغذية مواشيهم.
ونتيجة لذلك، اضطر العديد منهم إلى اللجوء إلى القروض لشراء الأعلاف وتأمين حاجيات القطيع، ما أدى إلى تراكم الديون عليهم بشكل غير مسبوق.
ومع صدور قرار منع ذبح إناث الأغنام والماعز، إضافة إلى إلغاء شعيرة عيد الأضحى لهذا العام، وجد العديد من الكسابة أنفسهم أمام تحديات مضاعفة، حيث تعذر عليهم تحقيق العوائد المالية التي كانوا يعولون عليها لسداد ديونهم والحفاظ على استمرارية نشاطهم.
وقد سجل القطاع انخفاضًا ملحوظًا في حجم القطيع الوطني بنسبة تُقدر بحوالي 38%، وهو ما يعكس التأثير العميق للأزمات المناخية والاقتصادية التي ضربت القطاع خلال السنوات الأخيرة.
هذا التراجع يضع مستقبل الثروة الحيوانية في المغرب على المحك، خاصة وأن الأغنام والماعز تمثل مكونًا أساسيًا في الاقتصاد القروي وتلعب دورًا رئيسيًا في تأمين الأمن الغذائي.
يأتي القرار الملكي الحكيم بإلغاء عيد الأضحى هذه السنة في سياق حماية القدرة الشرائية للمواطنين والتخفيف من الأعباء المالية التي يواجهها المغاربة، لا سيما في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.
لكن في المقابل، يطرح هذا القرار إشكالات حقيقية للكسابة، الذين يعتمدون بشكل كبير على مداخيل موسم العيد لتغطية نفقات تربية الماشية وسداد ديونهم. هذا الوضع جعل الكثير منهم يطالبون بتدخل حكومي عاجل لإنقاذهم من الانهيار المالي.
وقد ارتفعت الأصوات داخل البرلمان مطالبةً الحكومة باتخاذ إجراءات فورية لدعم الكسابة، حيث وجه النائب البرلماني إبراهيم أعبا سؤالًا كتابيًا إلى وزارة الفلاحة والصيد البحري حول التدابير المزمعة لمعالجة مشكلة الديون المتراكمة على الكسابة.
كما تساءل عن رؤية الوزارة في إعادة بناء وتجديد القطيع الوطني، خاصة في ظل التحديات المناخية والاقتصادية التي تعترض القطاع.
من بين الحلول المقترحة، يطالب العديد من الكسابة بإعفاء جزئي أو كلي من الديون التي اقترضوها لشراء الأعلاف، أو على الأقل إعادة جدولتها بشروط ميسرة لتخفيف الضغط المالي عليهم.
كما يدعون إلى تقديم دعم مالي مباشر يمكنهم من تجاوز الأزمة، إلى جانب سياسات مستدامة لتعزيز الإنتاجية وضمان استقرار القطاع على المدى البعيد.
لا شك أن مستقبل تربية الأغنام والماعز في المغرب يعتمد بشكل أساسي على السياسات والإجراءات التي ستتخذها الحكومة لدعم هذا القطاع.
واعتبر نواب المعارضة مؤخرا أن إيجاد حلول جذرية لمشكلة الديون وتوفير دعم مستدام للفلاحين الصغار يمكن أن يسهم في إعادة التوازن لهذا المجال وضمان تحسين إنتاجية الأغنام في ظل الأزمات المتكررة.
ويبقى الأمل معقودًا على تدخل سريع وفعال لإنقاذ آلاف الأسر التي تعتمد على هذا النشاط لكسب قوت يومها، وإعادة الاعتبار لمهنة كانت ولا تزال ركيزة أساسية في النسيج الاقتصادي والاجتماعي المغربي.