برلمانيان يطعنان في دستورية قانون الإضراب بالمغرب

وجه المستشاران البرلمانيان عن الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، خالد السطي ولبنى علوي، مذكرة إلى رئيس المحكمة الدستورية، محمد أمين بنعبد الله، على خلفية قانون الاضراب الذي صادق عليه البرلمان بمجلسيه.
وتضمنت المذكرة 12 ملاحظة حول القانون التنظيمي رقم 97.15 المتعلق بممارسة حق الإضراب.
وجاء المذكرة في أعقاب إصدار المحكمة الدستورية قرارا يقضي بدستورية القانون، وهو ما أثار جدلا واسعا داخل الأوساط النقابية والسياسية.
ملاحظات في الشكل
وانتقد المستشاران البرلمانيان الطريقة التي تم بها إقرار القانون. وأشارا إلى أن الحكومة أدخلت 95 تعديلا عليه، مما أدى إلى تقليص مواده من 49 مادة عند عرضه على مجلس النواب في 2016 إلى 33 مادة فقط في نسخته النهائية.
واعتبرا أن هذا العدد الكبير من التعديلات يمثل تجاوزا لمداولات المجلس الوزاري، خاصة أن الحكومة الحالية لم تكن هي التي صاغت النسخة الأصلية.
ونبه المصدر إلى أن إحالة مشروع القانون التنظيمي على لجان برلمانية غير مختصة يعد خرقا للنظامين الداخليين لمجلسي النواب والمستشارين، إذ إنه من المفترض أن تتم مناقشته في لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان. ورغم التنبيهات، فقد تم تمرير المشروع عبر لجنة التعليم والشؤون الثقافية والاجتماعية.
واعتبرا أن الحكومة أخلت بمبدأ التوازن بين السلط، حيث قدمت تعديلات على المشروع بشكل متأخر، متجاهلة القواعد الإجرائية التي تلزم تقديم التعديلات قبل 24 ساعة على الأقل.
ولم يتم الأخذ بآراء المؤسسات الدستورية، مثل المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي والمجلس الوطني لحقوق الإنسان.
ملاحظات في المضمون
وانتقدت المذكرة إحالة بعض المواد إلى نصوص تنظيمية رغم أنها تتعلق بحقوق أساسية يجب أن ينظمها القانون، مما يعد مخالفة للدستور.
واعتبرت أن القانون يحمل طابعا زجريا يحد من ممارسة الحق في الإضراب، حيث خصص له بابا كاملًا و10 مواد من أصل 33 مادة، مما يعكس مقاربة تقييدية.
ولفت المستشاران إلى عدم ملاءمة القانون مع الاتفاقيات الدولية المصادق عليها من طرف المغرب، خاصة العهدين الدوليين للحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية، إضافة إلى تجاهل المعايير الدولية المعتمدة من قبل منظمة العمل الدولية.
وانتقدت المذكرة اشتراط دعوة الإضراب من جهات محددة، مما يستبعد بعض الفئات المهنية مثل المحامين والأطباء.
كما أن غياب تعريف واضح لمفهوم "النقابة الأكثر تمثيلية" يطرح إشكالات قانونية، بالإضافة إلى أن بعض المواد تفرض قيودا قد تعرقل الحق في الإضراب، مثل اشتراط الاتفاق مع المشغل على إعداد لائحة المضربين تحت طائلة غرامات مالية.
وتطرقت المذكرة إلى منح الحكومة صلاحيات واسعة لكسر الإضراب، مثل إمكانية تدخل السلطات لضمان تزويد السوق بالمواد الضرورية أو اللجوء إلى القضاء لوقف الإضراب.
كما اعتبرت أن القانون لم يحدد بدقة مفهوم "الخدمات الأساسية"، مما قد يُستخدم لتقييد هذا الحق الدستوري.
وحذر المستشاران من منح رئيس الحكومة صلاحية منع الإضراب بدعوى حدوث أزمات وطنية، معتبرين أن ذلك قد يؤدي إلى شطط في استعمال السلطة، مطالبين بإحالة مثل هذه القرارات إلى القضاء لضمان الحياد والعدالة.
يذكر أن هذا القانون يثير جدلا واسعا في الأوساط النقابية والحقوقية، إذ ترى فيه بعض الجهات وسيلة لتقييد الحريات النقابية، بينما تعتبره الحكومة آلية لتنظيم ممارسة هذا الحق وضمان استمرارية الخدمات الأساسية.