برلمانيون يدقون ناقوس خطر استخدام المياه العادمة في السقي

تصاعدت في الآونة الأخيرة موجة من التحذيرات والتنبيهات بخصوص استخدام المياه العادمة في سقي الأراضي المزروعة بمختلف أقاليم المملكة، دون تدخل من السلطات الوصية والمعنية بهذا الملف.
ودخل البرلمان على خط هذا المشكل، بعد توالي تقارير وتحذيرات حول لجوء بعض الضيعات الفلاحية إلى استخدام المياه العادمة في سقي المزروعات، ما أثار جدلا واسعا حول انعكاسات هذه الممارسات على البيئة والصحة العامة.
وفي خطوة تعكس تنامي القلق البرلماني والشعبي، تقدم عدد من النواب بأسئلة كتابية وشفوية إلى وزارتي الداخلية والفلاحة، مطالبين بفتح تحقيقات عاجلة وتحديد المسؤوليات، في ظل مؤشرات على وجود تجاوزات بيئية جسيمة في مناطق مختلفة من المملكة.
تحركات برلمانية
وكانت النائبة عزيزة بوجريدة، عن حزب الحركة الشعبية، من أوائل من أثاروا الموضوع في البرلمان، حينما وجهت سؤالا كتابيا في يونيو 2022 حول استعمال المياه العادمة في سقي الأراضي الفلاحية بمناطق تامنصورت، وحربيل، وواحة سيدي إبراهيم، والوداية بإقليم مراكش، ومختلف المناطق بآسفي، داعية إلى تدخل الوزارة المعنية لوقف هذه الممارسات.
وفي السياق نفسه، طرح النائب نبيل الدخش، عن الحزب ذاته، سؤالا في يونيو 2024 على وزير الداخلية بشأن استراتيجية تعميم استخدام المياه العادمة المعالجة في ري المساحات الخضراء، مشيدا بتجربة جهة الرباط في هذا المجال كنموذج يحتذى.
من جهتها، حذرت النائبة مليكة الزخنيني، عن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، في مارس 2022، من الاستعمال المكثف للمياه المعالجة بمحطة بني ملال في سقي قرابة 800 هكتار من الأراضي، في ظل موجات الجفاف وتراجع الموارد المائية، داعية إلى تقييم الآثار البيئية والصحية لهذا الخيار.
البرلماني عادل السباعي، عن حزب الحركة الشعبية، نبه من ما وصفه بـ"الكارثة البيئية" في إقليم آسفي، مشيرا إلى تدفق المياه العادمة غير المعالجة من محطة بوكدرة نحو الأراضي الفلاحية، مما يشكل تهديدا على صحة الساكنة وتلوثا للفرشة المائية.
قلق حقوقي وتحذيرات
التحركات البرلمانية رافقتها أصوات جمعوية وحقوقية حذرت من خطورة الوضع. فقد دعت الجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان بالمغرب إلى فتح تحقيق شفاف حول تسربات المياه العادمة في منطقة "خط ازكان" بآسفي.
وأشارت إلى توفرها على أدلة ومواد توثيقية توضح حجم التلوث، وتأثيره المحتمل على المحاصيل الزراعية الموجهة للاستهلاك المحلي.
وأكدت الجمعية في بيانها أن المياه العادمة تحتوي على بكتيريا ومواد سامة قد تتسرب إلى المزروعات، مما يعرض المواطنين لخطر التسمم الغذائي، مشيرة إلى تكرار حوادث مماثلة في مناطق مثل بوسكورة وإقليم القنيطرة.
رد رسمي
في المقابل، أصدرت الشركة الجهوية متعددة الخدمات بمراكش-آسفي بيانا توضيحيا أكدت فيه أن المياه العادمة لا تستخدم مباشرة دون معالجة، موضحة أن عمليات المعالجة تمر عبر مراحل تقنية متقدمة تضمن إزالة الشوائب والمواد العضوية، وتلتزم بالمعايير البيئية المنصوص عليها في المرسوم رقم 1607-06.
وشددت الشركة على أن إعادة استخدام المياه المعالجة تساهم في الحفاظ على الموارد المائية، والحد من التلوث، معتبرة أن الاتهامات المتداولة لا تستند إلى معطيات دقيقة، داعية المواطنين إلى الرجوع إلى المصادر الرسمية لتفادي الإشاعات.