شبح غياب "الأولتراس" يخيم على الديربي ويربك افتتاح دونور

الكاتب : انس شريد

10 أبريل 2025 - 08:30
الخط :

في الوقت الذي كانت فيه الآمال معلقة على مباراة الديربي المنتظرة بين الرجاء والوداد لإعادة وهج الكرة المغربية إلى الواجهة، اختارت جماهير الفريقين خوض معركتها خارج أسوار الملعب.

فصائل الألتراس، التي لطالما شكّلت نبض المدرجات وصوت المدرج الصاخب، أعلنت بشكل لا لبس فيه مقاطعتها للديربي المرتقب مساء السبت المقبل على أرضية مركب محمد الخامس، في خطوة احتجاجية تعبّر عن سخطها العميق من واقع وصفته بـ"المجحف"، وسط تجاهل مستمر لمطالبها من طرف الجهات المنظمة.

ولم يكن قرار المقاطعة، مجرد رد فعل عابر، بل جاء كصرخة احتجاج مدروسة ضد ما تعتبره الجماهير تهميشًا ممنهجًا لدورها، وتضييقًا على شغفها، وتهديدًا لما تبقى من علاقة عاطفية بينها وبين اللعبة.

فقد طالبت الألتراس مرارًا بتحسين ظروف التنظيم وضمان بيئة مناسبة لمتابعة المباريات، دون أن تجد تلك المطالب آذانًا صاغية.

ومع مرور الوقت، تحوّل الغضب الصامت إلى مقاطعة منظمة، ورسالة قوية موجهة إلى المسؤولين بأن كرة القدم لا تكتمل دون جمهورها.

وإن كان مركب محمد الخامس يستعد لفتح أبوابه من جديد، بعد شهور من الإغلاق لأغراض التأهيل والتحسين، فإن اللحظة التي كانت الجامعة والعصبة الاحترافية تُعوّلان عليها للاحتفال بعودة الحياة إلى أحد أعرق الملاعب الإفريقية، باتت مهددة بالتحول إلى مناسبة رمزية لتجسيد القطيعة بين الجماهير والمؤسسات المسيرة.

فالعين التي كانت ترنو إلى كأس أمم إفريقيا 2025، اصطدمت بواقع محلي مشحون ومشحون جدًا.

المقاطعة ليست سوى أحد تجليات أزمة أعمق تعصف بقطبي الدار البيضاء. موسم مخيب على كل المستويات، بدأ بخيبات صغيرة وانتهى بانتكاسات مدوية.

ويعيش الرجاء والوداد، اللذان اعتادا التنافس على الألقاب، اليوم وضعًا كارثيًا لم تشهده جماهيرهما منذ سنوات، حيث جاءت الإقصاءات المبكرة من كأس العرش لتدق المسمار الأخير في نعش موسم كروي ثقيل على القلوب والعقول.

في القلعة الخضراء، لم تكن النكسة وليدة لحظة، بل نتيجة تراكمات مؤلمة، من فشل في التسيير، إلى تخبط في القرارات التقنية، وصولًا إلى تركيبة بشرية لم ترقَ لتطلعات الجماهير.

وشكل الخروج المبكر من دوري أبطال إفريقيا بداية الانهيار، أعقبه سقوط في سباق البطولة، قبل أن تأتي الهزيمة أمام الاتحاد الإسلامي الوجدي لتفجّر ما تبقى من صبر الجماهير.

ولم يتأخر صوت المدرجات، في المطالبة باستقالة المكتب المسير، وسط اتهامات صريحة للرئيس عبد الله بيراوين بالعجز عن قيادة الفريق إلى بر الأمان.

الوضع لم يكن أفضل في الجهة المقابلة من المدينة. الوداد، الذي دخل الموسم بطموحات كبيرة، اصطدم بواقع مرير عنوانه الإقصاء، التراجع، والتخبط.

وجاء الخروج من كأس العرش على يد المغرب التطواني، ليؤكد أن الأزمة بنيوية، وليست فقط نتيجة تعثرات عابرة.

ووجد المدرب رولاني موكوينا نفسه في مرمى الانتقادات، بعدما فشل في فرض أسلوبه أو قيادة الفريق نحو نتائج تليق بتاريخه، رغم الدعم الذي تلقاه من الجهاز الإداري والتقني.

وفي خضم هذه الفوضى، تحوّلت مواقع التواصل الاجتماعي إلى منصات مفتوحة للاحتجاج، ومجالس للمحاسبة الشعبية، حيث ارتفعت الأصوات المطالبة برحيل المدربين، وإعادة هيكلة شاملة للمكاتب المسيرة، في مشهد يترجم حجم الهوة التي تفصل اليوم بين القاعدة الجماهيرية والمؤسسات التي تدير الناديين.

وفي ظل هذه الأجواء، تُطرح تساؤلات حقيقية حول توقيت برمجة الديربي، وجدوى إقامته في ظرفية تعيش فيها الجماهير حالة من الغضب والاغتراب.

وحسمت العصبة الوطنية، الأمر بإعلان إقامة المواجهة مساء السبت، رغم المقاطعة المعلنة، في محاولة لتثبيت صورة استقرار وهمي، بينما الواقع الميداني ينبئ بالعكس تمامًا.

وسيشهد مركب محمد الخامس، الذي يُفتتح من جديد بعد فترة من الإغلاق، ربما أكثر ديربيات العاصمة الاقتصادية صمتًا من حيث الحضور الجماهيري، وأكثرها صخبًا على مستوى المعاني والرسائل.

فقد تحوّل الديربي من مناسبة احتفالية إلى مشهد رمزي يُلخص ما آلت إليه أوضاع قطبي الكرة الوطنية.

من الناحية الترتيبية، يدخل الوداد المواجهة محتلاً المركز الثالث بـ43 نقطة مناصفة مع الفتح الرباطي، في حين يتواجد الرجاء في المركز الثامن بـ37 نقطة.

وعلى الرغم من غياب الرهان المباشر على الصدارة، فإن المباراة تظل محطة مفصلية، قد تُعيد بعض التوازن، أو تُعمّق جراح موسم مُثقَل بالخيبات.

آخر الأخبار