شبكة "الغذاء الفاسد" بالبيضاء أمام القضاء.. ومطالب بتشديد العقوبات

الكاتب : انس شريد

10 أبريل 2025 - 08:30
الخط :

في واحدة من القضايا التي تثير القلق وتطرح أكثر من علامة استفهام حول مدى صرامة الرقابة على المواد الاستهلاكية، قررت المحكمة الابتدائية الزجرية بالدار البيضاء، اليوم الخميس، تأجيل النظر في ملف التزوير الخطير المتعلق بمنتجات غذائية تحمل تواريخ صلاحية مزيفة إلى غاية يوم الثلاثاء 15 أبريل الجاري، وهي القضية التي يتابع فيها مسؤولو شركة معروفة في مجال الاستيراد والتصدير، بعدما تم ضبط كميات ضخمة من المواد الفاسدة المعدّة للتوزيع والاستهلاك.

القضية التي تحولت إلى موضوع رأي عام، فجّرت موجة غضب واسعة بين المستهلكين، خاصة وأنها تمت خلال شهر رمضان الماضي، حيث يرتفع الطلب بشكل كبير على المواد الغذائية.

وتحركت الجامعة الوطنية لجمعيات المستهلك، التي دخلت على خط القضية كطرف مدني، مستنكرة هذا السلوك الإجرامي الذي وصفته بـ"الاستهتار بصحة المواطنين".

مطالبة القضاء بتطبيق أقصى درجات العقوبة في حق كل من ثبت تورطه، حماية للسلامة الصحية وردعًا لأي محاولة مماثلة.

وكشفت تفاصيل الملف، عن تحريات دقيقة أجرتها السلطات المختصة، توصلت خلالها إلى معلومات تفيد بوجود أنشطة مشبوهة داخل مستودع تابع للشركة المتورطة.

وبعد مداهمة المكان، فوجئت لجنة التفتيش بكميات كبيرة من المنتجات الغذائية الفاسدة، تم تزوير تواريخ صلاحيتها بهدف تسويقها في السوق المغربية كأنها سليمة، في خرق صريح وخطير لكل المعايير الصحية والقانونية.

المثير في الأمر أن المستودع كان مجهزًا بآلات متطورة لتعديل وطباعة تواريخ الإنتاج وانتهاء الصلاحية، في مؤشر واضح على وجود شبكة منظمة لا تكتفي بمجرد الإهمال، بل تعتمد على أدوات احتيال ممنهجة تُعرض حياة المواطنين لخطر مباشر، خصوصًا الفئات الأكثر هشاشة مثل الأطفال وكبار السن.

وقد قامت السلطات الصحية بأخذ عينات من المواد المحجوزة لإخضاعها لتحاليل مخبرية معمقة، بينما تم تشميع المستودع وإغلاقه بأمر من النيابة العامة، مع فتح تحقيق موسع للكشف عن باقي المتورطين في هذه الشبكة، سواء من داخل الشركة أو من شركائها المحتملين.

القضية لم تتوقف عند حدود القضاء والإعلام، بل وصلت إلى البرلمان، حيث وجّه فريق التقدم والاشتراكية سؤالًا كتابيًا لوزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية، حول الإجراءات المتخذة لضمان سلامة المواد الغذائية في السوق الوطنية

الفريق البرلماني لم يُخف قلقه من تكرار مثل هذه الحوادث، خاصة في فترات حساسة مثل شهر رمضان، الصيف، أو مواسم الأعياد، محذرًا من أن بعض هذه المنتجات الفاسدة قد تؤدي إلى أمراض خطيرة مثل التسممات، السرطان، أو الالتهاب الكبدي، بل وحتى الوفاة في بعض الحالات.

وأكد نواب الفريق أن من يقفون وراء هذه الممارسات لا يُبالون لا بصحة المواطنين ولا بسمعة البلاد، في وقت تسعى فيه المملكة إلى تعزيز مكانتها كوجهة سياحية وتنظيم تظاهرات دولية كبرى.

ودعوا إلى تعزيز آليات المراقبة، والتنسيق بين مختلف القطاعات الحكومية لمحاربة الغش التجاري والتزوير الغذائي بكل أشكاله.

في ظل هذه المعطيات المقلقة، تتجه الأنظار إلى الجلسة المقبلة التي يُنتظر أن تكشف عن تفاصيل أوفى بخصوص هويات المتورطين، ومسارات التوزيع التي كانت ستُباع من خلالها تلك المواد الفاسدة.

وبينما يترقب الرأي العام ما ستؤول إليه التحقيقات والمحاكمة، يظل السؤال المطروح بإلحاح: كم من حالات مشابهة لا تزال تحت الظل، تنتظر أن تُكتشف قبل أن تقع الكارثة؟

آخر الأخبار