البيضاء تسرع وتيرة محاربة العشوائيات وتهدم محلات تعود لخمسينيات القرن الماضي

باشرت السلطات المحلية بمدينة الدار البيضاء عملية هدم واسعة النطاق استهدفت عدداً من المحلات العشوائية التي تعود إلى خمسينيات القرن الماضي، من أبرزها 21 محلاً للحلاقة كانت قائمة منذ أكثر من ستة عقود قرب سكة "ݣراج علال" بحي درب السلطان.
وتأتي هذه الخطوة في إطار حملة منظمة تقودها السلطات لاحتواء ظاهرة العشوائيات، التي لطالما أضرت بجمالية النسيج الحضري للعاصمة الاقتصادية، وشكلت إحدى أبرز التحديات أمام أي إصلاح عمراني مستدام.
ووفقا لمصادر الجريدة 24، فإن الحملة التي تنفذ بتنسيق دقيق بين ولاية جهة الدار البيضاء-سطات، تحت إشراف الوالي محمد امهيدية، ومجلس المدينة الذي تترأسه نبيلة الرميلي، لا تأتي في سياق مفاجئ، بل سبقتها إنذارات متكررة وتنبيهات صريحة للمعنيين بضرورة تسوية وضعياتهم القانونية أو الاستعداد لتحمل تبعات قرارات الهدم.
غير أن بطء الاستجابة، إن لم يكن تجاهلاً في بعض الحالات، حسب ذات المصادر، جعل السلطات تتحرك بشكل مباشر وبوسائل ميدانية فعالة لحسم ما بات يُنظر إليه كواحد من مظاهر التسيّب العمراني الموروث.
وأثارت عمليات الهدم التي طالت محلات الحلاقة بدرب السلطان، والتي تمثل جزءاً من ذاكرة المدينة وامتداداً لحقبة اجتماعية واقتصادية ماضية، ردود فعل متباينة بين من يرى في القرار خطوة ضرورية لإنهاء الفوضى، ومن يعتبر أن الهدم يجب أن يكون مسبوقاً بخطة احتضان للمتضررين، حفاظاً على التوازن الاجتماعي.
المشهد في محيط عمليات الهدم اتسم بالترقب والقلق، وسط متابعة دقيقة من الساكنة وبعض الفعاليات المحلية، خاصة مع تقدم الجرافات والآليات في تنفيذ مهامها دون توقف.
إلى جانب المحلات، شملت الحملة عدداً من البنايات المشيدة بدون ترخيص، وامتدت لتشمل تحرير الملك العمومي من احتلال غير قانوني، خصوصاً من طرف بعض المقاهي والمطاعم، التي تمادت في استغلال الفضاءات العمومية على حساب الراجلين والمنظر العام.
وتأتي هذه التدخلات في سياق التحضير للمواعيد الرياضية الكبرى، وعلى رأسها كأس أمم إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030، ما يعزز من أهمية تحسين البنية التحتية والعمران، وتقديم صورة حضارية تليق بمكانة المغرب في المحافل الدولية.
رغم البعد التنموي للحملة، إلا أن عدداً من الأسئلة تظل قائمة بشأن مصير الأسر والعاملين الذين فقدوا مصدر دخلهم بعد هدم محلاتهم، وما إذا كانت هناك إجراءات مرافقة أو بدائل مطروحة في الأفق.
وأبدت الفعاليات الجمعوية مرارا تخوفها من التداعيات الاجتماعية لهذه الخطوات، مطالبة بتدخل عاجل لوضع حلول إنسانية متوازنة تضمن احترام القانون دون المساس بحقوق الفئات الهشة.
في انتظار توضيحات رسمية بشأن خطط الإيواء أو إعادة الإدماج الاقتصادي للمتضررين، تواصل السلطات حملتها بشكل تدريجي ومنظم، في مشهد يعكس إرادة واضحة لإعادة هيكلة النسيج العمراني للعاصمة الاقتصادية، وفق رؤية جديدة ترمي إلى الحد من مظاهر الترييف والعشوائية، وتوفير إطار حضري يتماشى مع تطلعات الساكنة واحتياجات التنمية.