المعارضة تشتكي ضعف الحضور الزمني تحت قبة البرلمان وتطالب بضمان صوتها الرقابي

في سياق الدورة الثلاثين للمعرض الدولي للنشر والكتاب، احتضن رواق الوزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان، يوم أمس السبت، ندوة علمية حول "التوازن والتعاون بين البرلمان والحكومة في مجال العمل الرقابي في ضوء دستور 2011"، جمعت فاعلين مؤسساتيين وأكاديميين لتسليط الضوء على مسار الرقابة البرلمانية وتحديات تفعيلها في ظل التحولات السياسية والدستورية الراهنة.
النقاش الذي انطلق من أرضية أكاديمية، سرعان ما اكتسب طابعًا سياسيًا واضحًا، بعدما تدخل عبد الرحيم شهيد، رئيس الفريق الاشتراكي المعارضة الاتحادية بمجلس النواب، ليضع أصبعه على واحدة من القضايا الخلافية داخل المؤسسة التشريعية، وهي ما وصفه بالتضييق الزمني على مداخلات المعارضة خلال الجلسات الأسبوعية، بما لا يسمح لها بتأدية دورها الرقابي والتعبيري كما ينبغي.
وأكد شهيد أن المعارضة البرلمانية، رغم أنها لا تمثل الأغلبية العددية داخل المجلس، تظل قوة اقتراحية فاعلة، وتمارس مهامها الدستورية في مراقبة العمل الحكومي والتفاعل مع قضايا المواطنين.
غير أن الترتيبات الزمنية المعتمدة داخل مجلس النواب، بحسب تعبيره، لا تعكس هذا الدور الحيوي ولا تتيح فرصًا متكافئة للتعبير عن المواقف والاقتراحات، خصوصًا حين يتعلق الأمر بالجلسات الرقابية المخصصة للأسئلة الشفوية.
وأوضح رئيس الفريق الاشتراكي أن الجلسة الأسبوعية التي يُفترض أن تكون منصة مركزية للمساءلة ومناقشة السياسات العمومية، تمتد لثلاث ساعات فقط، تتحدث خلالها الحكومة ساعة ونصف، فيما تحظى فرق الأغلبية بساعة وربع من الزمن، ولا يتبقى للمعارضة بمكوناتها الثلاثة سوى خمس عشرة دقيقة، وهو ما اعتبره "حيزًا ضئيلًا جدًا" وغير كافٍ لتمكين المعارضة من التعبير الكامل عن تصوراتها وملاحظاتها بشأن السياسات العمومية.
ويرى المتحدث أن هذا الاختلال في توزيع الزمن، يُفضي إلى إضعاف صورة المؤسسة التشريعية، ويخلّ بالتوازن المفترض بين مكونات المجلس، ويقلص من إمكانيات مساءلة الحكومة ومحاسبتها في إطار من التعددية والتنوع السياسيين اللذين نص عليهما دستور 2011.
كما دعا إلى ضرورة مراجعة هذه الترتيبات بما يضمن مشاركة حقيقية وفعالة للمعارضة، باعتبارها جزءًا أصيلًا من البناء الديمقراطي، لا مجرد مكوّن عددي داخل البرلمان.
وتأتي هذه التصريحات في سياق يتسم بكثير من الحركية داخل المؤسسة التشريعية، وسط مطالب متزايدة من بعض الفرق البرلمانية بتوسيع أدوارها في التشريع والمراقبة والتقييم، خاصة في ظل تراجع منسوب النقاشات السياسية داخل القبة، وهيمنة الخطاب التنفيذي المرتبط بالحكومة وأغلبيتها العددية.
كما تسلط هذه المطالب الضوء على إشكالية توزيع الأدوار داخل الفضاء البرلماني، وحجم التحديات التي تواجهها المعارضة في إيصال صوتها إلى الرأي العام الوطني، ضمن الفضاءات الرسمية.
ويُنتظر أن تُعيد هذه الخلاصات النقاش حول إصلاح النظام الداخلي لمجلس النواب، وتقييم مدى التوازن في توزيع الكلمة بين الفاعلين البرلمانيين، بما ينسجم مع فلسفة الدستور الجديد، ويكرّس مبدأ فصل السلط، ويُعزز مكانة البرلمان كفضاء للنقاش العمومي والتفاعل السياسي المسؤول.