اتهامات بتقصير حكومي في حماية النساء وتأهيل مراكز الرعاية الاجتماعية

في جلسة أسئلة شفوية بمجلس النواب، تحولت قبة البرلمان إلى منصة لعرض واقع مرير تعيشه فئات اجتماعية هشة داخل مؤسسات الرعاية، ولطرح تساؤلات حارقة حول نجاعة البرامج الحكومية في مجال التمكين والعدالة الاجتماعية.
صوتان نسائيان من المعارضة الاتحادية وحزب الأصالة والمعاصرة، جسّدا عمق القلق المجتمعي إزاء واقع لا يليق بصورة بلد يتطلع إلى التنمية الشاملة والعدالة الاجتماعية.
وفتحت النائبة البرلمانية عتيقة جبرو، عن الفريق الاشتراكي، النار على أوضاع مؤسسات الرعاية الاجتماعية التي يفترض أن تكون حضنًا آمنا للأطفال المتخلى عنهم، والأشخاص في وضعية إعاقة، والمسنين، والنساء في وضعيات صعبة.
وأكدت، في سؤالها الموجه إلى وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، أن هذه المؤسسات تعاني من اختلالات بنيوية، رغم إطلاق الوزارة لاستراتيجية "جسر" الممتدة من 2022 إلى 2025. استراتيجية يفترض أن تضع أسس العناية والرعاية والإدماج، لكنها تصطدم في الواقع بإكراهات التسيير، وتعدد المتدخلين، وغياب التنسيق والمراقبة الفعالة.
المعطيات التي كشفت عنها جبرو تثير القلق، من غياب للتجهيزات الضرورية، ونقص حاد في الموارد البشرية المتخصصة، إلى ضعف برامج التأهيل والتكوين، الأمر الذي يجعل من جودة الخدمات المقدمة للنزلاء دون المستوى المطلوب.
هذا الواقع المأزوم ينعكس بشكل مباشر على المستوى الدراسي للأطفال داخل هذه المراكز، ويزيد من نسب الهدر المدرسي، بل ويتسبب في حالات من العنف والاعتداءات التي يَصعُب الإبلاغ عنها في ظل هشاشة نفسية واجتماعية تحاصر الضحايا.
ولم يقف القلق النيابي عند هذا الحد، بل امتد إلى تساؤلات جوهرية حول جدوى السياسات العمومية الخاصة بالتمكين الاقتصادي للنساء، خصوصا في العالم القروي والمناطق النائية.
ودعت النائبة قلوب فيطح، عن فريق الأصالة والمعاصرة، إلى تقييم صريح وواقعي للبرامج الحكومية الموجهة للمرأة، مؤكدة أن هناك اختلالاً صارخاً بين وفرة البرامج وضعف النتائج المحققة على أرض الواقع.
واستندت في طرحها إلى معطيات المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، الذي أشار إلى تراجع نسب التمكين الاقتصادي للنساء، حيث انخفضت من 21.5% سنة 2019 إلى 19% سنة 2023، وهو مؤشر سلبي يؤثر بشكل مباشر على العدالة الاجتماعية ومكانة المرأة في الدورة الاقتصادية.
في السياق نفسه، لم تُخفِ فيطح قلقها المتزايد من تصاعد مظاهر العنف، خاصة ضد النساء، مؤكدة أن التساهل مع الخطاب العنيف على مواقع التواصل الاجتماعي ساهم في تطبيع العنف وجعله أكثر وحشية، من السب والشتم إلى جرائم القتل، في إشارات واضحة إلى وقائع مؤلمة، من أبرزها جريمة قتل الأستاذة هاجر بمدينة أرفود، التي هزت الرأي العام الوطني، وتركت أثراً بالغاً في الذاكرة الجماعية.
وسط هذا الكم من المعطيات والتساؤلات، تبرز الحاجة الملحة إلى إعادة النظر في النماذج التدبيرية لمؤسسات الرعاية، وربط استراتيجيات الدولة بآليات للمتابعة والتقييم والمحاسبة.