صفقات الشقق وسهرات ماجنة وعلاقته برأفت.. الناصري يُفجر معطيات جديدة في ملف "إسكوبار الصحراء"

الكاتب : انس شريد

25 أبريل 2025 - 06:30
الخط :

في واحدة من أكثر القضايا تعقيدًا وإثارة للجدل في المغرب خلال السنوات الأخيرة، فجّر سعيد الناصري، الرئيس السابق لفريق الوداد البيضاوي والقيادي السابق في حزب الأصالة والمعاصرة، تصريحات نارية أمام هيئة المحكمة بالدار البيضاء، ضمن فصول محاكمة المتهمين في ملف "إسكوبار الصحراء"، القضية التي أضحت مرادفًا لتهريب المخدرات وتبييض الأموال واستغلال النفوذ في أعلى مستويات السلطة والمال.

وسط أجواء مشحونة سيطر عليها التوتر والتقاطب، وقف الناصري مدافعًا عن نفسه، داحضًا كل التهم المنسوبة إليه بخصوص اقتناء أربع شقق من "الحاج بن إبراهيم"، المعروف بلقب "المالي" و"إسكوبار الصحراء"، بمدينة السعيدية، مؤكدًا أنه اقتنى فقط شقتين بوثائق موثقة قانونًا. وأصر على أن ما جرى تضمينه في محاضر الضابطة القضائية وقاضي التحقيق مجرد "أقوال كاذبة" على حد تعبيره، قائلاً إن لا وجود لأي دليل يربطه بباقي الأطراف أو بالشقق الأخرى.

وفي مفارقة بارزة، أشار الناصري إلى تناقض أقوال "المالي"، الذي قال مرة إنه باع سبع شقق، وأخرى أكد فيها أنه باع أربع فقط، معتبرًا هذا التضارب دليلاً على أن هناك من يريد الزج به في السجن بدون قرائن ملموسة.

في المقابل، واجه فؤاد اليزيدي، المتهم الآخر في الملف، الناصري باتهامات مباشرة، مبرزًا أنه كُلّف من طرفه ببيع شقتين تبين لاحقًا أنهما في ملكية "المالي"، مؤكداً عبر وثائق تحويل بنكي أنه حول مبلغ 65 مليون سنتيم للناصري.

الناصري، بدوره، لم يتوانَ في الطعن في تصريحات اليزيدي، مؤكدًا أن المبالغ التي تلقاها تعود لشقيقه، ولا علاقة لها بصفقات الشقق المزعومة.

وقال: "لا يمكنني أن أُدان على أساس أقوال متناقضة ووثائق غير دقيقة"، مضيفًا أن محاولة توريطه جاءت في سياق تصفية حسابات شخصية وسياسية.

واستمعت المحكمة بتفصيل لتوضيحات الناصري، الذي بدا مصرًا على تقديم روايته رغم المقاطعات المتكررة من القاضي علي الطرشي، الذي شدد على ضرورة احترام سير الجلسة، محذرًا إياه من "اللعب بدور القاضي".

ومع ذلك، واصل الناصري عرضه متمسكًا بأنه "ينتقل بهيئة المحكمة من الخيال إلى الواقع"، مستعرضًا وثائق وشيكات ومحاضر عقود بيع يؤكد أنها تثبت براءته.

من النقاط المثيرة التي تناولتها الجلسة أيضًا، تلك المتعلقة بعلاقته بالفنانة لطيفة رأفت، الزوجة السابقة لـ"المالي".

ونفى الناصري وجود أي صلة لها بالقضية، معتبرًا أن حديثها عن "سهرات ماجنة وتعاطي للكوكايين في فيلا كاليفورنيا" بعد طلاقها من زوجها لا يستند إلى واقع.

وقال إن الفيلا المعنية لم تكن تتوفر حتى على الماء والكهرباء، متسائلًا كيف يمكن أن تكون مسرحًا لمثل هذه السهرات.

كما عرض عقد زواج رأفت الذي يعود لتاريخ 16 يناير 2014، نافيًا أن يكون قد التقى بها قبل ذلك، ما يتناقض مع ادعاءات تؤكد حضورهما سويًا في "فيلا الزواج" في دجنبر 2013.

وعندما واجهته المحكمة بمحضر يشير إلى تلقيه مبلغ 8000 درهم داخل مطعم آسيوي مقابل خدمات مشبوهة، شدد الناصري على أنه لا يعرف شيئًا عن الواقعة، نافيًا أي علاقة له بشحنات المخدرات التي جرى الحديث عنها.

وأكد أن المزاعم التي تشير إلى استخدام شاحنات صينية الصنع في التهريب لا تمت له بصلة، مضيفًا أن الحديث عن سد أمني أوقف العملية يبرهن على عشوائية الاتهامات.

القضية امتدت إلى الحديث عن فيلا فاخرة يُزعم أنها شهدت لقاءات مشبوهة وتسهيلات مالية، حيث كشف "المالي" أنه تلقى من الناصري مبالغ خصصت لإصلاح الفيلا، وأن المفاتيح سُلّمت له بتعليمات من عبد النبي البعيوي، المتهم الآخر في الملف. الناصري، في المقابل، نفى الأمر جملة وتفصيلاً، مؤكداً أنه اشترى الفيلا سنة 2017 من شخص يُدعى مير بلقاسم، وأن كل ما يقال لا يعدو كونه "افتراءات تستهدف تشويه سمعته".

الهيئة القضائية استمعت كذلك لتفاصيل تخص محاولة تأثير الناصري على الشهود، وتقديمه وثائق مزورة، وتورطه في معاملات بعملة أجنبية مشبوهة، فضلًا عن اتهامات بمحاولة النصب واستغلال النفوذ.

وبذلك قررت المحكمة، تأجيل الجلسة ليوم الجمعة لمواصلة جلسات الاستماع، وسط ترقب كبير من الرأي العام، في انتظار ما إذا كانت هذه التصريحات الصادمة ستفتح باباً جديداً في ملف كشف عن شبكة معقدة من المصالح، تجمع بين النفوذ السياسي والمال والتهريب الدولي للمخدرات والذهب.

ويضم هذا الملف، أزيد من 28 متهما من العيار الثقيل، أبرز الأسماء التي تثير الجدل في أروقة المحكمة هو سعيد الناصري، الرئيس السابق لنادي الوداد الرياضي والقيادي البارز السابق في حزب الأصالة والمعاصرة، إلى جانب عبد النبي بعيوي، الرئيس السابق لجهة الشرق، وآخرين من بينهم برلمانيون، رجال أعمال، ووسطاء عقاريون.

آخر الأخبار