ملف الضرائب على طاولة البرلمان.. ودعوات لإنهاء المساطر الجبائية التعسفية

عاد ملف العلاقة المتوترة بين دافعي الضرائب والإدارة الجبائية إلى واجهة النقاش العمومي، في ظل تنامي مؤشرات التوتر وتزايد الشكاوى من ممارسات توصف أحياناً بـ"التعسفية" في معالجة الملفات الضريبية.
ففي وقت يفترض أن تشكل الضرائب أداة لتنمية الاقتصاد وتمويل الخدمات العمومية، باتت تتحول، في نظر عدد من الخاضعين لها، إلى مصدر ضغط ومعاناة إدارية ترخي بظلالها على ثقة المواطنين والمقاولات في المؤسسة الجبائية.
خلال الأشهر الماضية، رصد عدد من المهنيين وأرباب المقاولات تصاعداً ملحوظاً في وتيرة الإجراءات الجبائية التي تُتخذ دون إشعار مسبق أو تعليل كافٍ، ما أفضى إلى حالات حجز مفاجئ على الحسابات البنكية أو تجميد أرصدة وممتلكات في سياقات لا تخلو من الغموض القانوني.
هذه الإجراءات، التي توصف بأنها تنفَّذ بشكل أحادي، دفعت بعدد من الفاعلين الاقتصاديين إلى دق ناقوس الخطر بشأن مستقبل مناخ الأعمال، في ظل شعور متزايد بانعدام التوازن في العلاقة بين الإدارة والملزم.
وفي موازاة هذه الوقائع، تشهد المحاكم التجارية والإدارية تراكماً لملفات نزاعات جبائية.
الجدل لم يظل حبيس الأوساط المهنية فقط، بل انتقل إلى المؤسسة التشريعية، حيث وجهت النائبة البرلمانية نادية تهامي عن فريق التقدم والاشتراكية سؤالاً كتابياً إلى وزارة الاقتصاد والمالية، دعت فيه إلى مراجعة ما سمّته "الضغط المسطري المبالغ فيه" الذي تمارسه مصالح الضرائب.
واعتبرت النائبةالبرلمانية أن عدداً متزايداً من المرتفقين يجدون أنفسهم في علاقة صدامية مع الإدارة الجبائية بسبب غياب التوضيح الكافي حول مشروعية بعض الرسوم ومبررات مراجعتها، إلى جانب ما وصفته بتجاهل الإدارة لملاحظات المتضررين واعتراضاتهم، في خرق لمبدأ الحق في التظلم وطلب المراجعة.
السؤال البرلماني شدد على أن استمرار الوضع على ما هو عليه لا يهدد فقط الأمن القانوني للمواطن والمقاولة، بل يضر بجاذبية الاستثمار وثقة الفاعلين الاقتصاديين في الدولة ومؤسساتها.
وتساءلت النائبة البرلمانية عن التدابير ذات الطابع التشريعي والتنظيمي والإداري التي اتخذتها الوزارة من أجل تخفيف الضغط المسطري على الملزمين بالضريبة، وإعادة النظر في التدابير الأحادية وغير الواضحة أحياناً التي ترافِقُ عملية فرض وتحصيل ومراجعة الضرائب والمنازعة في مشروعيتها وأساسها، والقطع مع أيِّ تعسفٍ محتمل في تدبير التحصيل الجبائي؟
في انتظار تفاعل الحكومة مع هذا النقاش، يرى عدد من المتتبعين أن اللحظة الراهنة تستوجب إعادة طرح السؤال الجوهري: كيف يمكن بناء علاقة متوازنة بين الإدارة ودافعي الضرائب، تؤمن التزامات الدولة تجاه مواطنيها دون أن تتحول إلى عبء يقوض روح المبادرة ويكبح دينامية النمو.