مخاوف متصاعدة من آثار المبيدات السلبية على المنتجات الفلاحية 

الكاتب : انس شريد

26 أبريل 2025 - 08:30
الخط :

أثار الاستعمال المكثف للمبيدات الكيميائية في القطاع الفلاحي بالمغرب خاصة غير المرخصة قلقًا متزايدًا في أوساط المهتمين بالشأن البيئي والصحي، خاصة مع تسجيل مؤشرات تنذر بتداعيات خطيرة على جودة المنتجات الفلاحية وصحة المواطنين، فضلا عن التأثيرات السلبية على خصوبة الأراضي والتوازنات الطبيعية.

ففي الوقت الذي تراهن فيه البلاد على الفلاحة كقاطرة للتنمية الاقتصادية وجذب الاستثمارات الأجنبية، تبرز تحديات بيئية تهدد بنسف المكاسب المنتظرة إذا لم تتم معالجتها بصرامة وحكمة.

ويأتي تحرك البرلمان المغربي في هذا السياق، حيث دخل على الخط عبر مداخلات برلمانية تنبه إلى خطورة الوضع. فقد وجهت سلوى البردعي، النائبة البرلمانية عن حزب العدالة والتنمية، سؤالًا شفهيًا إلى وزارة الفلاحة والصيد البحري، سلطت فيه الضوء على هذه الإشكالية المتفاقمة.

وأكدت البردعي أن الرؤية الملكية السامية تولي أهمية خاصة لدور الفلاحة كرافعة للنمو الاقتصادي، وتسعى من خلالها المملكة إلى تعزيز استقطاب الاستثمارات الأجنبية وتوسيع الشراكات الدولية في القطاع الفلاحي.

لكنها شددت، في المقابل، على أن نجاح هذه الاستراتيجية لا يمكن أن يعتمد فقط على ضخ رؤوس الأموال، بل يستلزم بالضرورة المحافظة على الموارد الطبيعية وصيانة التربة لضمان استدامة النشاط الفلاحي للأجيال القادمة.

وأشارت النائبة البرلمانية إلى أن عددا من مناطق زراعة الفواكه الحمراء، التي تشكل إحدى الدعائم الأساسية للصادرات الفلاحية المغربية، تعرف مؤخرًا ارتفاعًا لافتًا في معدلات استخدام المبيدات الكيميائية المكثفة.

وهو ما أثار مخاوف مشروعة من تدهور جودة التربة، وتعرض صحة المستهلكين لمخاطر حقيقية بفعل تراكم المواد الكيميائية في المنتجات الزراعية.

كما لم تخفِ تخوفها من التأثير السلبي لهذا الاستخدام العشوائي على البيئة الطبيعية المحيطة، وما قد ينجم عنه من فقدان التنوع البيولوجي وتدهور المنظومات البيئية المحلية.

وتساءلت البردعي عن التدابير التي تعتمدها وزارة الفلاحة لفرض شروط واضحة وصارمة على المستثمرين الأجانب لحماية التربة والحفاظ على خصوبتها، خاصة في المناطق الفلاحية الحساسة.

كما طرحت تساؤلات حول الأجهزة واللجان المكلفة بمراقبة مدى احترام المستثمرين لمعايير الاستخدام الآمن والمسؤول للمبيدات الكيميائية، ومدى فعالية هذه الأجهزة في رصد المخالفات ومعالجتها.

وأكدت في معرض سؤالها على ضرورة تحقيق توازن دقيق بين تحقيق الأهداف الاستثمارية وحماية البيئة، بما يضمن استمرار المغرب في تقديم منتجات فلاحية ذات جودة عالية تحترم شروط السلامة الصحية وتحافظ على الموارد الطبيعية.

وفي خضم هذه التحذيرات، يتزايد الجدل في الأوساط العلمية والبيئية حول خطورة الإفراط في استخدام المبيدات الكيميائية، حيث تؤكد دراسات متواترة أن بقايا هذه المواد في الفواكه والخضر قد تسبب أمراضا خطيرة مثل السرطان وأمراض الغدد الصماء وأمراض الجهاز العصبي.

كما أن الإفراط في رش المبيدات، حسب عدد من التقارير يؤدي إلى تدهور تدريجي للتربة، وفقدانها للمواد العضوية الضرورية، مما يؤثر سلبًا على مردودية المحاصيل ويهدد الأمن الغذائي مستقبلا.

وفي ظل غياب رقابة صارمة ومستمرة، يجد العديد من الفلاحين أنفسهم مضطرين لاستخدام مبيدات قوية للتصدي للآفات الزراعية بغرض تحقيق عائدات أكبر على المدى القصير، دون الاكتراث بالانعكاسات البيئية والصحية الخطيرة لهذا السلوك على المدى الطويل.

ودعا الخبراء مرارا أنه وجب فرض مراجعة عميقة للسياسات الفلاحية، مع التركيز على تشجيع الزراعات الإيكولوجية البديلة التي تعتمد على أساليب طبيعية في محاربة الآفات، وتقنين استعمال المبيدات وفق معايير صارمة تضمن السلامة الصحية للمستهلكين والحفاظ على البيئة.

كما يطالبون بضرورة تحفيز الفلاحين على تبني ممارسات مستدامة عبر برامج تحسيسية وتكوينات مهنية، وإرساء نظام صارم للرصد والمراقبة البيئية يشمل كل مراحل الإنتاج الزراعي.

وفي ظل هذه التحديات، تظل حماية التربة وضمان جودة المنتجات الفلاحية وصحة المستهلكين رهانا مركزيا يتطلب تضافر جهود كل المتدخلين، من سلطات عمومية وبرلمان ومنظمات مهنية ومجتمع مدني، حتى يظل المغرب وفيا لصورته كبلد منتج للفلاحة النظيفة والمستدامة التي تحترم الإنسان والطبيعة.

آخر الأخبار