أزمة الدعم تُهدد تمدرس أطفال ذوي الإعاقة في الدار البيضاء وسط احتجاجات متصاعدة

تعيش مدينة الدار البيضاء على وقع حالة من الغضب والاستياء بعد تأخر صرف أجور العاملين في جمعية آباء وأصدقاء الأطفال المعاقين ذهنيًا، مما يهدد مستقبل مئات الأطفال في وضعية إعاقة ويضع برامج رعايتهم وتعليمهم أمام مصير مجهول.
ويتعلق الأمر بواحدة من أبرز الجمعيات النشيطة في هذا المجال، والتي كانت تعتمد في تمويل أنشطتها وخدماتها على الدعم العمومي المخصص عبر صندوق التماسك الاجتماعي، في إطار شراكة مع وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة.
الأزمة الحالية تأتي في وقت حساس بالنسبة للأسر والأطر التربوية، حيث توقفت رواتب العاملين لشهور، مما انعكس سلبًا على السير العادي لبرامج التأهيل والتعليم والرعاية الصحية التي كانت تستفيد منها شريحة واسعة من الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة.
وتسبب الوضع في ارتباك واضح لدى أولياء الأمور الذين باتوا يخشون فقدان أطفالهم للحق في التعليم والرعاية، بعد سنوات من الجهود المبذولة لدمجهم داخل المجتمع.
وقد نظم العشرات من الأطر التربوية والإدارية وقفة احتجاجية أمام مقر الجمعية بمنطقة المعاريف في الدار البيضاء، بمشاركة عدد من آباء وأمهات الأطفال المتضررين، للمطالبة بالتعجيل بصرف المستحقات المالية وضمان استمرارية الخدمات المقدمة لهذه الفئة الهشة.
ورفع المشاركون في الوقفة شعارات تندد بما وصفوه بسياسة الإهمال والتجاهل التي تنتهجها الوزارة الوصية تجاه الأوضاع المتدهورة للجمعية والأطر العاملة بها.
الجمع العام الاستثنائي الذي عقدته الجمعية تزامن مع هذه الاحتجاجات، وشهد مشاركة نشطاء حقوقيين وممثلين عن جمعيات مدنية، حيث عبروا عن دعمهم للمطالب المرفوعة، مؤكدين استعدادهم لخوض كل المساطر القانونية اللازمة للدفاع عن حقوق الأطفال وضمان التزامات الدولة تجاه الفئات الأكثر هشاشة.
وطالبت الجمعيات الحاضرة بتدخل عاجل يعيد الاعتبار لدور مؤسسات الرعاية الاجتماعية في تحقيق التماسك المجتمعي ويكفل حق الأطفال في التعليم والرعاية دون تمييز.
في خطوة تصعيدية، وجهت الجمعية المتضررة تظلما إلى الكتابة الخاصة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس بالقصر الملكي، كما راسلت كلًا من رئاسة الحكومة ومؤسسة الوسيط والمجلس الوطني لحقوق الإنسان والإدارة العامة للتعاون الوطني، في مسعى لإيجاد حلول مستعجلة تضمن استمرارية الخدمات الاجتماعية الأساسية وتضع حدًا لمعاناة الأطر والأسر معًا.
تأخر صرف الدعم المالي لا يهدد فقط الاستقرار المهني للأطر، بل يحمل تبعات اجتماعية أوسع قد تؤثر سلبًا على المسار التعليمي والتأهيلي لهؤلاء الأطفال، الذين يعانون أصلًا من هشاشة نفسية واجتماعية تتطلب رعاية دقيقة ومستدامة.
وتؤكد الأطر التربوية أن الأمر يتجاوز مجرد مطالب مادية، معتبرة أن استمرار الأزمة يضع الأطفال في مواجهة خطر الإقصاء من المنظومة التعليمية والتربوية، في انتهاك صارخ للحقوق الأساسية المكفولة بموجب القوانين الوطنية والاتفاقيات الدولية ذات الصلة.
وفي ظل غياب رد رسمي واضح إلى حدود الساعة، تتواصل حالة الغموض بشأن مصير هذه الفئة من الأطفال، في وقت تتعالى فيه الأصوات المطالبة بإصلاح عميق لمنظومة دعم الجمعيات العاملة في مجال الإعاقة، وتفعيل آليات الحكامة لضمان تدبير شفاف وناجع للموارد المخصصة لهذه الفئات.
ويخشى المتابعون أن يتحول ملف الجمعية إلى عنوان لأزمة أكبر تمس صورة السياسات الاجتماعية بالمغرب في التعامل مع الفئات الهشة، خاصة أن الأمر يتعلق بحقوق دستورية ثابتة يجب حمايتها بعيدًا عن الحسابات الإدارية أو التقشف المالي.
تستمر حالة الانتظار والترقب، وسط دعوات موجهة إلى السلطات المعنية لتدارك الوضع وإنقاذ الموسم الدراسي لهؤلاء الأطفال، وتأمين مستقبلهم التعليمي والاجتماعي بما يتماشى مع التزامات المغرب في مجال حقوق الإنسان والطفل على حد سواء.