توسيع شراكات التسلح.. المغرب يتطلع لاقتناء أحدث الأنظمة الدفاعية من كوريا

يشهد المغرب تحولًا استراتيجيًا بارزًا في مجال الدفاع، واضعًا نصب عينيه تعزيز موقعه الإقليمي كقوة فاعلة ومؤثرة في موازين الأمن بشمال إفريقيا.
فخلال السنوات الأخيرة، عرفت الترسانة العسكرية المغربية طفرة نوعية غير مسبوقة، نتيجة سياسة مدروسة تنتهج تنويع الشركاء الاستراتيجيين والانفتاح على أسواق تسلح جديدة تجمع بين الجودة العالية والتكنولوجيا المتطورة.
في هذا السياق، يواصل المغرب مسار تحديث قواته المسلحة عبر صفقات نوعية مع دول كبرى مثل الولايات المتحدة وفرنسا وإسرائيل وتركيا والصين، مع اهتمام متزايد بعقد شراكات جديدة مع دول أخرى صاعدة في مجال الصناعات الدفاعية.
وتعد كوريا الجنوبية أحدث المحطات في هذا التوجه، بعدما كشفت تقارير إعلامية عن دخول المغرب في مفاوضات متقدمة لاقتناء دبابة القتال المتطورة "K2 Black Panther"، في خطوة قد تجعله أول بلد إفريقي يعبر رسميًا عن رغبته في الحصول على هذا النظام القتالي الفائق التطور.
خلال زيارة رسمية إلى سيول في أبريل الجاري، التقى وزير الصناعة والتجارة رياض مزور عددًا من كبار المسؤولين الكوريين، من ضمنهم وزير التجارة والمكلف بالدبلوماسية الاقتصادية، إضافة إلى ممثلين عن شركة "هيونداي روتيم" المصنعة لدبابة "K2 Black Panther".
ووفقا لمنصة “Army Recognition” وعدد المواقع الأخرى المخصصة للشؤون العسكرية، فقد شملت المحادثات اهتمامًا مغربيًا آخر بالغواصة الكهربائية "KSS-III" ونظام الدفاع الجوي الصاروخي "Cheongung-II"، ما يعكس اتساع رقعة التعاون بين البلدين ليشمل الجانب العسكري.
وحسب ذات التقارير، فإن دبابة "K2 Black Panther" تصنف ضمن الأكثر تطورًا في العالم، بفضل مزيجها المتقن من القوة النارية العالية والتكنولوجيا المتقدمة وأنظمة الحماية الفعالة، بالإضافة أنها مزودة بمدفع عيار 120 ملم يستخدم قذائف ذكية، ونظام متطور للتحكم بالنيران، إضافة إلى منظومة حماية نشطة ودروع تفاعلية، مما يجعلها قادرة على العمل بكفاءة في مختلف ظروف المعركة.
كما أكد هذا الأمر، الخبير الكوري الجنوبي في الشؤون الدفاعية، مايسون، في تدوينة له على منصة x، أن المغرب مهتم بشكل جدي لاقتناء عدد من الأنظمة العسكرية الكورية الجنوبية المتقدمة، في إطار سعيها لتعزيز قدراتها الدفاعية.
ويندرج اهتمام المغرب بهذه الدبابة، ضمن خطة أشمل تهدف إلى تطوير مختلف أفرع القوات المسلحة، حيث عرف العقد الأخير تصاعدًا ملحوظًا في الإنفاق الدفاعي، بلغت ذروته سنة 2025 حين خصصت الحكومة ميزانية قياسية بلغت 133 مليار درهم، وهي الأكبر في تاريخ المؤسسة العسكرية المغربية.
ويدخل هذا التوجه ضمن رؤية استراتيجية تركز على تحقيق الجاهزية القتالية القصوى وتحديث العتاد العسكري وتوطين جزء من الصناعات الدفاعية محليًا.
وأكدت ذات التقارير، فإن المغرب يولي أيضًا أهمية خاصة لتحديث قدراته الدفاعية القصيرة والمتوسطة المدى، في ظل تنامي التهديدات المرتبطة بالطائرات بدون طيار والهجمات الجوية المفاجئة، وهو ما يفسر اهتمامه المتزايد بأنظمة الدفاع الجوي المتطورة مثل نظام "Cheongung-II" الكوري.
كما أن هذا الانفتاح على شراكات جديدة يؤكد سعي الرباط إلى تعزيز استقلالية قرارها الدفاعي عبر تنويع مصادر تسلحها، وعدم الارتهان إلى شريك واحد مهما كانت قوة العلاقة معه.
في السياق الإقليمي، يواصل المغرب ترسيخ مكانته كفاعل محوري في معادلة الأمن والدفاع بشمال إفريقيا، عبر مزيج من التحديث التكنولوجي والتحالفات الاستراتيجية والرهان على التصنيع المحلي.
هذا التحول لا ينعكس فقط في الأرقام القياسية للإنفاق العسكري أو في نوعية الصفقات المبرمة، بل أيضًا في المقاربة الاستباقية التي تتبناها المملكة في التعامل مع التهديدات المستجدة، بما يعزز قدرتها على حماية مصالحها الحيوية وضمان أمنها القومي في بيئة إقليمية متقلبة.
ويبدو أن السنوات المقبلة ستشهد تكثيفًا لهذه الجهود، سواء عبر إبرام صفقات تسلح جديدة أو عبر تسريع مشاريع التصنيع المحلي ونقل التكنولوجيا، ما سيعزز مكانة القوات المسلحة الملكية المغربية كإحدى أبرز القوى العسكرية الصاعدة على مستوى القارة الإفريقية.