ملف الاعتداءات وحمل الأسلحة البيضاء يشعل نقاش البرلمان ووهبي يعد بالتشديد

عاد ملف الاعتداءات وانتشار حمل الأسلحة البيضاء ليحتل واجهة النقاش داخل قبة البرلمان، حيث شدد عدد من النواب على خطورة تفاقم هذه الظواهر الإجرامية التي باتت تهدد أمن وسلامة المواطنين في عدد من المدن.
وأكد المتدخلون خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب أن المجهودات الأمنية المبذولة تبقى مهمة لكنها غير كافية، في ظل غياب رؤية مندمجة تشرك مختلف القطاعات المعنية، داعين إلى تبني مقاربة شاملة تقوم على محاربة الأسباب الاجتماعية المؤدية إلى الانحراف، وتعزيز دور الأسرة والمدرسة في تربية الناشئة.
وانتقد النواب ما وصفوه بضعف الرقابة الأسرية والهشاشة الاجتماعية التي تغذي نزوع بعض القاصرين نحو العنف، محذرين من أن استمرار بعض الفئات في حمل السيوف والسكاكين بالشوارع العامة دون رادع قد يؤدي إلى انفلات أمني واسع.
كما دعوا إلى ضرورة تسريع الإصلاحات التشريعية، وتشديد العقوبات على حيازة واستعمال الأسلحة البيضاء، وإحداث مراكز متخصصة لإيواء المشردين وتأهيل المختلين عقلياً، باعتبارهم إحدى الفئات الأكثر عرضة للانزلاق نحو الإجرام.
في رده على الأسئلة الشفهية بمجلس النواب، أكد وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، أن خطورة الوضع تحتم التحرك الفوري والحازم، مشيراً إلى أن الحكومة قامت بمراجعة شاملة لمقتضيات مشروع المسطرة الجنائية، لاسيما المادة 303 مكرر، لتوسيع تعريف السلاح الأبيض ورفع العقوبات المرتبطة بحيازته.
وأوضح أن العدالة المغربية أصبحت تتعامل مع قضايا حمل الأسلحة البيضاء بمنتهى الصرامة، مع احترام مبدأ استقلالية القضاء، مبرزاً أن الأحكام الصادرة في هذا الشأن تعكس إرادة قوية لحماية النظام العام وضمان أمن المواطنين.
وأضاف الوزير أن مواجهة الظاهرة لا تقتصر على التحسيس والتوعية، بل تتطلب كذلك رداً قضائياً قوياً ضد كل من تسول له نفسه تعريض حياة الآخرين للخطر.
وأكد أن حمل السكين أو السيف في الشارع ليس سلوكاً عادياً أو مقبولاً تحت أي مبرر، مشيراً إلى أن الجرائم الناتجة عن استعمال الأسلحة البيضاء خلفت مآسي إنسانية مؤلمة لا يمكن السكوت عنها، مثل بتر أطراف أو تشويه وجوه ضحايا أبرياء.
ولم يخف وهبي أن الوزارة ماضية في التنسيق مع السلطات الأمنية لتعزيز الحملات الاستباقية التي تستهدف مصادرة الأسلحة البيضاء المنتشرة بين بعض الفئات، خاصة وسط القاصرين.
كما أبرز أن القانون المقبل سيحمل أحكاماً جديدة لمحاسبة أولياء الأمور الذين يتقاعسون عن مراقبة أبنائهم القاصرين المتورطين في مثل هذه الأفعال الإجرامية، معتبراً أن الأسرة تتحمل جزءاً من المسؤولية في هذه الظواهر الخطيرة.
مؤكدا أن الدولة لن تسمح بتحول الفضاءات العامة إلى ساحات للرعب والتهديد، مشدداً على أن تعزيز الأمن لا يتحقق فقط بتوفير رجال الأمن، بل بإعادة الاعتبار للسلطة التربوية للأسر، وتكثيف البرامج الاجتماعية الوقائية، وتطوير الإطار القانوني بما يواكب التحديات الأمنية الجديدة.
كما أوضح أن الهدف الأسمى هو أن يشعر كل مواطن بالأمان وهو يتجول في أي مكان داخل المملكة، دون خوف من اعتداء أو تهديد.
وفي ختام مداخلته، دعا وزير العدل إلى التفاعل الجماعي مع هذا الورش الكبير، من خلال شراكة بين المؤسسات الرسمية والمجتمع المدني ووسائل الإعلام، مؤكداً أن المغرب يتجه بثبات نحو تكريس دولة القانون عبر حماية الحريات الفردية والجماعية، وفي مقدمتها الحق في الأمن الشخصي، الذي اعتبره من أقدس الحقوق التي يجب على الدولة صونها بكل الوسائل المتاحة.