دبابة "النمر الأسود" الكورية على رادار المغرب.. وخطوات متسارعة نحو تنويع الشركاء

الكاتب : انس شريد

02 مايو 2025 - 07:30
الخط :

في خطوة تعكس تحولًا استراتيجيًا لافتًا في سياسة التسلح الوطني، يواصل المغرب نهجًا تصاعديًا في تحديث ترسانته العسكرية وتوسيع قاعدة شركائه الدوليين، واضعًا نصب عينيه هدفًا مزدوجًا: تعزيز جاهزيته الدفاعية وتكريس موقعه كقوة إقليمية فاعلة في شمال إفريقيا.

خلال السنوات الأخيرة، أحرزت القوات المسلحة الملكية المغربية تقدمًا نوعيًا في مجالات التحديث العسكري، عبر صفقات متقدمة مع قوى كبرى كفرنسا، الولايات المتحدة، البرازيل وتركيا، غير أن الوجهة هذه المرة تتجه شرقًا نحو آسيا، وتحديدًا كوريا الجنوبية، أحد أبرز الفاعلين الصاعدين في مجال الصناعات الدفاعية.

اهتمام رسمي مغربي بالأسلحة الكورية المتطورة

التقارير الإعلامية المتخصصة، وعلى رأسها منصة "Army Recognition"، كشفت عن مفاوضات متقدمة بين المغرب وسيول بشأن إمكانية اقتناء دبابة القتال الكورية المتطورة "K2 Black Panther"، التي تعد واحدة من أكثر الدبابات تقدمًا على المستوى العالمي. وتأتي هذه الخطوة في إطار توجه مغربي حثيث نحو تنويع مصادر التسلح وتقوية القدرات الدفاعية الوطنية.

الزيارة الرسمية التي قام بها وزير الصناعة والتجارة، رياض مزور، إلى كوريا الجنوبية مؤخرا، كانت محطة مفصلية في هذا المسار. فقد عقد خلالها سلسلة لقاءات مع مسؤولين كوريين بارزين، من بينهم وزير التجارة وعدد من ممثلي الشركات الدفاعية، في مقدمتها "هيونداي روتيم" المصنّعة للدبابة "K2".

ولم يقتصر الاهتمام المغربي على الدبابة "K2"، بل شمل أيضًا أنظمة أخرى متقدمة مثل الغواصة الكهربائية "KSS-III" ونظام الدفاع الجوي الصاروخي "Cheongung-II"، ما يؤشر على رغبة واضحة في بناء شراكة استراتيجية طويلة المدى مع سيول في المجال الدفاعي.

"K2 Black Panther": تكنولوجيا فائقة وقدرات هجومية متقدمة

الدبابة الكورية "K2 Black Panther" تعد من بين الأنظمة القتالية البرية الأحدث عالميًا، فهي مزودة بمدفع عيار 120 ملم قادر على إطلاق قذائف ذكية، وتحتوي على نظام متقدم للتحكم بالنيران، بالإضافة إلى دروع تفاعلية ومنظومة حماية نشطة، ما يتيح لها القدرة على العمل في بيئات قتالية معقدة ومتغيرة.

وإذا ما تم التوقيع الرسمي على هذه الصفقة، فسيكون المغرب أول بلد إفريقي يدخل نادي مستعملي هذا النظام القتالي المتطور، في سابقة من شأنها أن تعزز موقعه الإقليمي وتمنحه تفوقًا نوعيًا في ساحة الدفاع البري.

رؤية استراتيجية لتعزيز الجاهزية واستقلال القرار العسكري

ويرتبط هذا التوجه بجملة من التحولات التي تشهدها العقيدة الدفاعية للمغرب، حيث باتت المملكة تراهن بشكل متزايد على تحقيق الاستقلالية الاستراتيجية في مجال التسلح، وتجاوز منطق الارتهان لشريك وحيد مهما كانت علاقاته معها قوية.

وهو ما يترجمه التوسع في التعاقدات العسكرية مع دول من مختلف القارات.

وقد شهد العقد الأخير ارتفاعًا مطردًا في الإنفاق العسكري، حيث خصصت الحكومة خلال سنة 2025 ميزانية غير مسبوقة بلغت 133 مليار درهم، في تأكيد على أولوية الدفاع في السياسات العمومية للدولة.

التصنيع المحلي ونقل التكنولوجيا: أفق جديد للشراكة

يتجاوز الطموح المغربي مجرد اقتناء العتاد، إذ تندرج هذه التحركات ضمن خطة أشمل تروم توطين جزء من الصناعات الدفاعية محليًا، خاصة في ظل توفر بنيات تحتية صناعية قادرة على استيعاب مشاريع من هذا النوع.

ومن المرتقب أن تشمل الاتفاقيات مع كوريا الجنوبية إمكانيات لنقل التكنولوجيا وتكوين الأطر المغربية في مجالات الصيانة والإنتاج.

موقع إقليمي متقدم في ظل تحولات أمنية متسارعة

في ظل بيئة إقليمية مضطربة وتحديات أمنية مستجدة تشمل الإرهاب، الهجرة غير النظامية، والطائرات المسيّرة، يسعى المغرب إلى بناء نموذج دفاعي متكامل يجمع بين الحداثة التكنولوجية، الكفاءة العملياتية، والمرونة الدبلوماسية في نسج التحالفات.

ويأتي الانفتاح على كوريا الجنوبية كترجمة لهذه المقاربة، بما يعزز قدرة القوات المسلحة الملكية على الاضطلاع بدورها الحيوي في حفظ الأمن القومي، ورفع مستوى استعدادها لمواجهة أي تهديدات محتملة.

نحو أفق دفاعي جديد

يتضح من المعطيات الحالية أن المغرب لا يكتفي بتحديث عتاده العسكري فحسب، بل يسعى إلى إعادة تشكيل بنيته الدفاعية على أسس أكثر صلابة واستشرافًا.

ومن المرتقب أن تشهد السنوات المقبلة تسارعًا في وتيرة الشراكات الدفاعية، خصوصًا مع بلدان تتوفر على منظومات متقدمة وتسعى بدورها إلى موطئ قدم في القارة الإفريقية.

وبهذا، يخطو المغرب بثبات نحو بناء منظومة دفاعية متقدمة، تجمع بين السيادة، التحديث، والانفتاح، في خطوة تعكس إدراكًا عميقًا لمقتضيات الجغرافيا السياسية ومتغيرات التوازنات الإقليمية.

آخر الأخبار