تدفقات قياسية في الأفق.. المغرب وإسبانيا في اجتماع مرتقب لحسم تفاصيل "مرحبا 2025"

في ظل استعدادات مكثفة وتوقعات بتسجيل أرقام قياسية جديدة، تستعد المملكة المغربية وإسبانيا لعقد اجتماع مشترك يومي 6 و7 ماي الجاري بمدينة طنجة، من أجل مناقشة التفاصيل النهائية المتعلقة بعملية "مرحبا 2025"، وهي العملية التي تعد من أكبر التحركات الجماعية العابرة للحدود في العالم خلال فترات السلم، وتشكل جسرا سنويا لملايين المغاربة المقيمين في أوروبا العائدين إلى وطنهم خلال فصل الصيف.
وتتجه الأنظار هذا العام نحو نسخة غير مسبوقة من العملية التي تُعرف في إسبانيا باسم "عملية عبور المضيق OPE"، حيث تشير المعطيات الأولية، وفقًا للتقارير الإعلامية الإسبانية، إلى إمكانية ارتفاع عدد المسافرين بنسبة 4%، وعدد المركبات بنسبة 5% مقارنة بسنة 2024، التي سجلت بدورها رقما قياسيا بلغ 3.4 ملايين مسافر ونحو 850 ألف مركبة.
هذا النمو المستمر في الأرقام يعكس ليس فقط الزخم الاجتماعي والإنساني للعملية، بل أيضا التحديات المتنامية التي تواجه البنيات التحتية والخدمات اللوجستية والأمنية في ضفتي المضيق.
وتأتي هذه الاستعدادات وسط انطلاق مبكر للتحضيرات الميدانية في الجانب الإسباني، حيث تشرف مندوبة الحكومة الإسبانية في سبتة المحتلة، كريستينا بيريز، على تنسيق عمل 18 هيئة ومؤسسة معنية في إطار لجنة التنسيق الإقليمية، وذلك وفقًا للتقارير الإعلامية الإسبانية.
ويشمل هذا التنسيق جهودا متعددة لضمان سلاسة الحركة داخل الموانئ، وتأمين المرافق المحيطة بها، وتدبير تدفقات بشرية ومادية ضخمة، من المتوقع أن تزداد تعقيدا بفعل موجات الحر الشديدة المرتقبة هذا الصيف وفق تحذيرات وكالة الأرصاد الجوية الإسبانية.
وفي سياق الاستعدادات الجارية، تشير التقارير الإعلامية الإسبانية إلى أن التعاون بين الرباط ومدريد يشهد تنسيقا غير مسبوق على المستويين الفني والتنظيمي، مدفوعا بالعلاقات الإيجابية التي تطورت بشكل ملحوظ بين البلدين خلال السنوات الأخيرة.
وشهدت العلاقات الثنائية دفعة قوية منذ سنة 2022، تُرجمت في تكثيف الحوار السياسي وتعزيز التعاون الأمني والاقتصادي، وهو ما انعكس على ملفات استراتيجية كالهجرة والطاقة والتجارة.
وتعتبر عملية "مرحبا" إحدى ثمار هذا التقارب، حيث بات التنسيق المشترك حولها يجري في أجواء من الثقة المتبادلة، ما يتيح تفعيل خطط استباقية دقيقة لضمان حسن سير العملية، وتجاوز الإكراهات المحتملة التي تفرضها كثافة العبور وظروف الطقس والتحديات اللوجستية الموسمية.
وفي خطوة نوعية، فقد قررت السلطات الإسبانية نشر وحدة دائمة تابعة لشركة المرور بالحرس المدني في مدينة سبتة، بهدف ضبط حركة السير داخل المدينة وضمان عدم تأثير كثافة العبور على مرافق حيوية مثل المستشفى الجامعي ومداخل الأحياء المجاورة، وذلك وفقًا للتقارير الإعلامية الإسبانية.
هذا الترتيب الأمني الجديد يأتي في وقت تتواصل فيه أشغال إعادة تأهيل معبر "تراخال" الحدودي، والتي لن تنتهي قبل انطلاق العملية، ما ينذر بضغط إضافي خلال مرحلة العودة بسبب فقدان أحد مسارات العبور المعتادة.
وعلى الجانب المغربي، يُنتظر أن تنطلق عملية مرحبا في الأسبوع الأول من يونيو، أي قبل بدء العملية رسميا في إسبانيا المقررة في 15 من نفس الشهر، مما يفرض تنسيقا دقيقا بين الجانبين من أجل تجنب الارتباك وضمان جاهزية الموانئ لاستقبال الدفعات الأولى من العابرين.
وتشمل هذه الموانئ تسعة موانئ رئيسية: الجزيرة الخضراء، وطريفة، وألميريا، ومالقا، وموتريل، وأليكانتي، وفالنسيا، بالإضافة إلى سبتة ومليلية المحتلتين، على أن تُعزز بخطط أمنية ومرورية مفصلة لكل ميناء.
ووفقا للتقارير الاعلامية، فإن الاجتماع المرتقب في طنجة سيكون حاسما في وضع اللمسات الأخيرة على الجوانب التقنية والتنظيمية للعملية، خاصة في ظل تعقيدات التغيرات المناخية، وتوسع دائرة المسافرين، وتزايد الحاجة إلى دمج التكنولوجيا الحديثة في تتبع وتوجيه التدفقات البشرية.
كما سيكون مناسبة لتوقيع اتفاقيات عملياتية جديدة، قد تشكل نقلة نوعية في تدبير هذا الحدث السنوي الذي يحمل أبعادا إنسانية واقتصادية واستراتيجية في آن واحد.