الميزان ينقلب على الأغلبية.. أرقام البطالة تفجر الخلاف داخل الحكومة

الكاتب : انس شريد

05 مايو 2025 - 10:30
الخط :

في مشهد برلماني اتسم بالتوتر وكشف عن تصدعات صامتة داخل الأغلبية الحكومية، اندلع سجال سياسي حاد بين وزير الشغل يونس السكوري والنائب البرلماني عن حزب الاستقلال عبد الرحيم بوعيدة، حول واقع البطالة بالمغرب.

وتحول النقاش، الذي جرى خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب، من عرض حكومي تقني إلى مواجهة سياسية، بعد أن فند النائب الاستقلالي الأرقام الرسمية واعتبرها بعيدة كل البعد عن الواقع المعيش.

ودافع الوزير يونس السكوري، المنتمي لحزب الأصالة والمعاصرة، بثقة عن حصيلة حكومته في مجال الشغل، معتمداً على أرقام رسمية صادرة عن المندوبية السامية للتخطيط، والتي كشفت عن انخفاض معدل البطالة من 13.7% إلى 13.3%، بانخفاض عدد العاطلين بـ15 ألف شخص خلال سنة واحدة.

وقال السكوري،، إن هذه الأرقام ليست معزولة، بل تعكس دينامية اقتصادية حقيقية بدأت تتشكل في عدد من القطاعات، مؤكداً أن الحكومة تسير بخطى واثقة نحو تقليص معدلات البطالة وتوسيع آفاق التشغيل، عبر رؤية إصلاحية متكاملة.

وأوضح الوزير أن هذه الرؤية تقوم على معالجة مزدوجة لعرض الشغل وطلبه، من خلال برامج جديدة ومقاربة هي الأولى من نوعها في السياسات العمومية، مشدداً على أن الحكومة انتقلت من منطق الاستجابة الظرفية إلى منطق التخطيط المندمج والمستدام.

وكشف عن خطة لإعادة هيكلة الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات (أنابيك)، بهدف جعلها أكثر قرباً من حاجيات سوق الشغل، وخاصة لفائدة 910 آلاف شاب لا يتوفرون على شهادات، والذين كانوا لسنوات خارج رادار السياسات العمومية.

وفي جانب الدعم المالي، أشار يونس السكوري إلى تخصيص غلاف مالي غير مسبوق بلغ 14 مليار درهم ضمن قانون المالية، مع إضافة مليار درهم لتقوية آليات دعم المقاولين الذاتيين.

وأعلن عن إطلاق برنامج خاص يستهدف 110 آلاف مقاول ذاتي يعملون في ظروف صعبة، سيستفيدون من دعم مباشر لاقتناء المعدات، ودفع تكاليف الكراء والتشغيل، في خطوة تهدف إلى تحويل الهشاشة إلى فرص إنتاجية.

السكوري لم يغفل الحديث عن تنشيط الاستثمار كمحرك أساسي للتشغيل، مبرزاً أن الحكومة أقرت مرسوماً جديداً يقدم دعماً مباشراً للمقاولات التي تستثمر بين مليون وخمسة ملايين درهم، مقابل خلق مناصب شغل ذات جودة، برصيد مالي قدره 12 مليار درهم، وهو ما اعتبره نقلة نوعية في فلسفة دعم المقاولة الصغيرة والمتوسطة.

لكن هذه الأرقام، قوبلت برفض قاطع من طرف النائب بوعيدة، الذي اعتبر أن هذه المعطيات "لا تخص المغرب، بل ربما تعود إلى السويد أو كندا"، متهماً الحكومة ببيع الأوهام والترويج لنجاحات غير ملموسة.

وقال بوعيدة، بنبرة لا تخلو من السخرية، إن وعود توفير مليون منصب شغل قد تنقلب إلى مليون منصب عطالة، داعياً الحكومة إلى "مصارحة المغاربة بالواقع عوض التمترس خلف الأرقام".

ولم يكن السجال الحاد بين مكونين من الأغلبية الحكومية لم يكن خلافاً عابراً، بل عكس توتراً سياسياً دفيناً، وأعاد طرح السؤال حول مدى تماسك التحالف الحاكم أمام الملفات الاجتماعية الشائكة.

ففي الوقت الذي يقدم فيه يونس السكوري أرقاماً تعكس منجزات وتصوراً متقدماً حسب منظوره رغم الانتقادات، ترتفع أصوات من داخل البيت الحكومي نفسه لتقول إن الواقع الاقتصادي والاجتماعي أكثر تعقيداً مما تبوح به الأرقام.

آخر الأخبار