برلماني: السمك المغربي أرخص في أوروبا.. والدريوش تُرجع الغلاء إلى تقلبات المناخ

الكاتب : انس شريد

06 مايو 2025 - 07:30
الخط :

في خضم موجة الغلاء التي تطال مختلف المواد الأساسية في المغرب، برزت أسعار السمك كمؤشر جديد على تفاقم الأزمة، حيث سجلت ارتفاعات غير مسبوقة شملت حتى أكثر الأنواع استهلاكاً وشعبية لدى الأسر المغربية، وفي مقدمتها السردين.

هذا النوع الذي طالما مثّل غذاء الفقراء ومكوناً يومياً على موائد الطبقات المتوسطة والمحدودة الدخل، صار اليوم خارج متناول شريحة واسعة من المواطنين بعد أن قفز ثمنه في بعض الأسواق إلى أزيد من 20 درهماً للكيلوغرام، في سابقة أثارت موجة استياء واسعة خصوصاً بالأحياء الشعبية.

الأسواق الكبرى في مدينة الدار البيضاء، كما في مدن أخرى، لم تكن استثناء من هذا الصعود المضطرد في الأسعار.

فقد عاين المواطنون ارتفاعاً حاداً شمل مختلف الأنواع البحرية، من الكلمار إلى السيبيا، ومن القمرون إلى الصول، بأسعار تتراوح بين 60 و130 درهماً للكيلوغرام، وهو ما اعتُبر تجاوزاً صارخاً للقدرة الشرائية للمواطن البسيط.

وأعادت الزيادات المتواصلة إلى الواجهة النقاش القديم حول احتكار السوق والتلاعب بسلاسل التوزيع، وتغوّل لوبيات الوساطة التي تتحكم، وفق كثير من المتتبعين، في مفاصل هذا القطاع الحيوي.

البرلمان لم يكن غائباً عن هذه التطورات. فقد شهدت جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس المستشارين، يوم الثلاثاء 6 ماي 2025، تدخلات حادة من طرف عدد من البرلمانيين، كان أبرزها ما جاء على لسان المستشار عن فريق الأصالة والمعاصرة، لحسن أيت اصحا، الذي لم يتردد في وصف الوضع بالفضيحة.

وأشار إلى مفارقة صادمة تكشف أن المواطن الأوروبي يستهلك السمك المغربي بأقل من الأسعار المتداولة في السوق الوطنية، داعياً الحكومة إلى تبرير هذا الخلل المزمن في بنية التسعير والتموين.

وانتقد البرلماني ذاته ما وصفه بمبررات "الانفتاح" و"حرية السوق" التي تُساق لتبرير الفوضى، معتبراً أن الواقع يؤكد وجود تواطؤ واحتكار يجعل من وفرة المنتوج غير ذات أثر على الأسعار.

وبلغة غاضبة، شدد المتحدث على أن المواطن المغربي، وإن تقبل بعض التبريرات التقنية المرتبطة بالإنتاج والتوزيع، إلا أنه يشعر بـ"الحكرة" حين يطّلع على الأسعار في الأسواق الأوروبية، حيث يباع السمك المغربي بأقل مما هو عليه في وطنه، رغم اختلاف الأجور والقدرة الشرائية بين الجانبين.

ودعا إلى وضع حد لما سماه "التلاعب بقوت المواطنين"، محذراً من أن شعور الظلم الاجتماعي قد يدفع الشباب إلى التعبير عن سخطهم بأساليب احتجاجية قد تخرج عن السيطرة، كما حدث مؤخراً في إقليم أزيلال.

في المقابل، حاولت كاتبة الدولة المكلفة بالصيد البحري، زكية الدروش، تقديم تفسير لما يجري، مؤكدة أن أسعار السمك، شأنها شأن باقي المواد الغذائية، تخضع لمنطق العرض والطلب.

وأوضحت أن العوامل المناخية، وحالة البحر على وجه الخصوص، تؤثر بشكل مباشر على وفرة المنتوجات البحرية، وبالتالي على أسعارها.

وأضافت أن التغيرات المناخية أصبحت اليوم عاملاً هيكلياً يهدد استدامة الثروة السمكية ويؤثر على سلاسل التوريد، معتبرة أن من بين أولويات قطاعها الوزاري حماية هذه الثروة، وتطوير البنيات التحتية الخاصة بالتسويق البحري، إلى جانب ضمان تزويد الأسواق الوطنية بشكل منتظم.

إلا أن هذه المبررات لم تُقنع الجميع. فقد عاد المستشار أيت اصحا ليؤكد أن المغاربة "بحاجة إلى استفادة حقيقية من خيرات بلادهم"، داعياً إلى تمكينهم من اقتناء السمك المحلي بأسعار معقولة، بدل تركهم تحت رحمة لوبيات تتحكم في السوق وتعبث بالأمن الغذائي الوطني.

وأضاف أن مجرد توفر المنتوج لا يعني شيئاً إذا كان بعيداً عن متناول الأسر، واعتبر أن الأمن الغذائي لا يُقاس بامتلاء الأسواق، بل بمدى قدرة المواطنين على الوصول إليها في ظل عدالة سعرية حقيقية.

هذا الجدل يكشف، مرة أخرى، عمق الاختلالات البنيوية التي يعاني منها قطاع الصيد البحري في المغرب، ويطرح بإلحاح الحاجة إلى تدخل عاجل يعيد التوازن إلى السوق، ويضمن استفادة المواطن من ثروات وطنه في ظل عدالة اجتماعية واقتصادية مفقودة.

آخر الأخبار