تسونامي قضائي يضرب جماعة الدار البيضاء.. واتهامات باستغلال العدالة للنصب

الكاتب : انس شريد

07 مايو 2025 - 07:30
الخط :

تعيش جماعة الدار البيضاء على صفيح ساخن، بعدما باتت مهددة قانونياً ومالياً بملفات ثقيلة، بلغ عددها 147 ملفاً قضائياً معروضاً على أنظار مختلف محاكم المملكة، مما يُنذر بمضاعفات خطيرة على استقرار المدينة المالي وقدرتها على تنفيذ التزاماتها التنموية.

هذا الواقع يكشف عن أزمة تدبيرية داخل مؤسسة يُفترض أن تكون قاطرة للعصرنة والنمو في العاصمة الاقتصادية، لكنها تجد نفسها اليوم محاصَرة بأحكام قضائية وتعويضات مالية ضخمة قد تُفقدها التوازن المالي وتُربك أولوياتها.

في مداخلة مثيرة خلال دورة ماي العادية لمجلس جماعة الدار البيضاء، قدّم الحسين نصر الله، نائب العمدة المكلف بالممتلكات، معطيات دقيقة عن حجم هذه القضايا وطبيعتها، مؤكداً أن الجماعة تواجه موجة غير مسبوقة من الدعاوى، تشمل ملفات تتعلق بالاعتداء المادي، والنزاعات الضريبية، وقضايا التعمير، والصفقات، ونزاعات الشغل وغيرها.

ووفقا لما كشف عنه نصر الله، فقد بلغ عدد القضايا المتعلقة بالاعتداءات المادية، وحدها 24 قضية، بينما بلغت قضايا الإلغاء 41، ما يُظهر هشاشة البنية القانونية للتدبير الجماعي في المدينة.

ورغم هذه التحديات، سُجّلت بعض المؤشرات الإيجابية، حسب المتحدث ذاته، إذ استطاعت الجماعة إلغاء حكم نهائي كان يقضي بتعويض شركة معينة بمبلغ يناهز 3 مليارات و300 مليون سنتيم، في قضية وُصف فيها التعويض المُطالب به بـ"الخيالي"، والذي وصل في البداية إلى 10 مليارات سنتيم.

وبحسب نصر الله، فقد تم توقيع اتفاق مع الشركة لتقسيم الأداء إلى ست دفعات سنوية، غير أن المجلس تحرّك لاحقاً لإعادة النظر في الملف وتمكن من إلغاء الحكم برمته، وهو ما اعتُبر إنجازاً كبيراً في سياق يعج بالخسائر القضائية.

نائب العمدة لم يكتف بسرد المعطيات، بل وجّه اتهامات مباشرة إلى بعض الأطراف التي ترفع دعاوى ضد الجماعة، مشيراً إلى وجود "استغلال متعمد للقضاء لتحقيق أرباح خيالية".

واعتبر أن بعض الملفات يتزعمها أثرياء يسعون، حسب وصفه، إلى "النصب عبر بوابة القضاء"، وكشف أن الجماعة تدرس حالياً إمكانية تقديم شكاوى رسمية بتهمة النصب إلى الوكيل العام للملك، إذا ثبت وجود نية سيئة في استعمال القضاء ضد مصالح الجماعة.

في هذا السياق، تحدث نصر الله عن حالة نموذجية لشركة طالبت بتعويض قدره 32 مليار سنتيم بسبب اعتداء مادي مزعوم، وهو ما وصفه بـ"المبالغة الخطيرة".

كما كشف عن ملف آخر كانت الجماعة قد خسرت فيه دعوى أمام محكمة النقض، يُلزمها بأداء مبلغ 3 ملايير و200 مليون سنتيم، غير أنها تمكنت، بمعية الوكيل القضائي للجماعات وسلطة المواكبة، من إلغاء الحكم وتوفير المبلغ.

وتسعى الجماعة حالياً إلى تعزيز تدبيرها القانوني والمؤسساتي عبر إجراءات وقائية، من أبرزها إعداد سجل خاص بممتلكاتها يتضمن معطيات موثقة ودقيقة، سيُكشف عنه قريباً لأول مرة في تاريخ التدبير الجماعي للمدينة.

ويتطلع مسؤولو الجماعة إلى أن يسهم هذا السجل في وقف النزيف القضائي، وفي توفير أرضية صلبة لمواجهة أي ادعاءات مستقبلية تتعلق بالملكية أو الاعتداءات المادية.

وفي الوقت الذي تُغلق فيه أبواب القضاء أمام الجماعة في بعض الملفات، بدأت هذه الأخيرة في تفعيل قنوات بديلة، عبر مؤسسات عمومية مثل الوكالة الحضرية، لتقديم تعرضات قانونية باسم الغير، خاصة في الملفات التي استُنفدت فيها كل مراحل التقاضي.

وتُعد هذه الخطوة إحدى محاولات الجماعة للالتفاف على بعض النزاعات عبر بوابة التفاوض المؤسساتي خارج قاعات المحاكم.

آخر الأخبار