الرميلي: التاريخ لا يرحم.. وكل مسؤول سيحاسب على تقصيره في خدمة البيضاويين

وسط أجواء مشحونة داخل قاعة مجلس جماعة الدار البيضاء، افتتحت العمدة نبيلة الرميلي دورة ماي العادية بكلمة صريحة، حملت نبرة تحذير وتقييم للمسار السياسي والتدبيري الذي يطبع عمل المجلس، مؤكدة أن زمن التراخي انتهى، وأن لحظة المحاسبة تقترب، مهما طال أمد الصراعات الداخلية أو الحسابات السياسوية.
في وقت تواجه فيه العاصمة الاقتصادية للمملكة رهانات ضخمة، ومتطلبات متزايدة من طرف ساكنتها، بدا من الواضح أن العمدة اختارت كسر صمت الأغلبية، وإيصال رسائلها إلى كل من يهمه الأمر، سواء داخل المعارضة أو في صفوف الأغلبية نفسها.
كلمة الرميلي، التي جاءت في سياق يطغى عليه توتر متصاعد بين مكونات المجلس، أكدت فيها أن “التاريخ لا يرحم، وسيحاسب كل مسؤول على ما قدمه أو قصر فيه في خدمة المدينة وساكنتها”، مضيفة أن اللحظة تقتضي الترفع عن كل الحسابات الضيقة والعمل بروح جماعية لمواجهة الإكراهات المتعددة التي تعاني منها المدينة.
وبينما تصر المعارضة على تحميل الأغلبية مسؤولية ما تصفه بـ"الشلل التنموي" للدار البيضاء، متهمة إياها بالانشغال بالصراعات الداخلية والتفرد باتخاذ القرارات، يرى عدد من أعضاء الأغلبية أن بعض الأصوات المعارضة لا تفوّت فرصة دون التشويش أو عرقلة الأوراش قيد الإنجاز، خدمة لأجندات انتخابية مسبقة.
وفي هذا المشهد، جاء خطاب الرميلي ليضع النقاط على الحروف دون الانزلاق في التسميات، بل من خلال التلميح إلى أن الاستحقاقات الحقيقية ليست داخل قاعة المجلس، بل في ميدان العمل، حيث ينتظر البيضاويون من ممثليهم الوفاء بالوعود، وتحسين جودة حياتهم اليومية.
وشددت العمدة في كلمتها على أن سكان الدار البيضاء لا يهمهم لون الحزب السياسي الذي يتولى تدبير شؤونهم، بقدر ما تهمهم النتائج في أرض الواقع: طرق معبدة، نقل عمومي في المستوى، نظافة مستمرة، وبنية تحتية تليق بمكانة العاصمة الاقتصادية.
وفي هذا السياق، قالت الرميلي إن المدينة شهدت تغييرات جذرية منذ تولي المجلس الحالي زمام التسيير، معتبرة أن هذه المرحلة بمثابة اختبار حقيقي للإرادة السياسية والمسؤولية الجماعية.
الدورة العادية لماي، التي عُقدت وسط ترقب واسع من المتتبعين، لم تكن فقط محطة لتقييم الأداء، بل لحظة مفصلية للتأكيد على ضرورة رص الصفوف داخل التحالف الرباعي الذي يبدو أنه يعيش على وقع تصدعات داخلية، تهدد بانفراط عقده في حال استمرار التوترات بين مكوناته.
وكانت الرميلي، قد عقدت مؤخرا اجتماعا طارئا بمنزلها، حضره عدد من نوابها المنتمين لحزب التجمع الوطني للأحرار ورؤساء مقاطعات محسوبين على نفس التنظيم.
الاجتماع الذي جرى بعيدًا عن الأضواء تناول بالنقاش أسباب الخلافات الأخيرة، وسبل إعادة الانسجام إلى صفوف الأغلبية، خاصة مع اقتراب دورة ماي المرتقبة، والتي يُنتظر أن تطرح خلالها ملفات كبرى للنقاش والمصادقة.
وأكدت مصادر مطلعة للجريدة 24 أن اللقاء عرف دعوة صريحة من رئيسة المجلس إلى ضرورة الالتزام بمبادئ التحالف الثلاثي، المتمثل في التجمع الوطني للأحرار، والأصالة والمعاصرة، وحزب الاستقلال، مع التأكيد على ضرورة تغليب منطق التوافق والعمل المشترك على أي اعتبارات حزبية ضيقة، حفاظًا على استقرار المجلس واستمرارية المشاريع التنموية التي تم التعهد بها أمام ساكنة المدينة.
وسبق أن عبّر عدد من منتخبي حزب الاستقلال، عن استيائهم مما وصفوه بـ"التهميش" الذي يتعرضون له خلال دورات المجلس، مؤكدين أن ضغوطًا سياسية تمارس عليهم داخل المؤسسة المنتخبة، وهو ما يعرقل – بحسبهم – تحقيق الأهداف التي وُضع التحالف لأجلها، ويؤثر سلبًا على مناخ الثقة بين مكوناته.
وبين طموح الإصلاح ورهانات البقاء السياسي، يبقى مستقبل الدار البيضاء مرهوناً بمدى قدرة المنتخبين على تجاوز الخلافات، والاشتغال بروح الفريق، لأن المواطن لا ينتظر شعارات، بل إنجازات في أرض الواقع.