رسوب جماعي في امتحان السياقة يضع “نارسا” في مرمى نيران البرلمان

تشهد مراكز تسجيل السيارات في مختلف أنحاء المغرب حالة من الغليان، على خلفية ارتفاع غير مسبوق في نسب الرسوب في الامتحان النظري الخاص بنيل رخصة السياقة، بعد اعتماد نسخة جديدة من بنك الأسئلة من طرف الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية (نارسا).
هذه التغييرات، التي دخلت حيز التنفيذ دون إعلان رسمي أو مرحلة انتقالية واضحة، أثارت موجة غضب عارمة في صفوف المترشحين ومهنيي قطاع تعليم السياقة، وسط مطالب متصاعدة بفتح تحقيق إداري وتقني شامل.
وعبّر عدد من المترشحين عن صدمتهم مما وصفوه بـ"الأسئلة الغامضة والمعقدة"، مشيرين إلى أن محتواها لا يعكس الواقع العملي للسياقة داخل التراب الوطني.
كما أبدى أرباب مدارس تعليم السياقة امتعاضهم من الوضع، معتبرين أن اعتماد الأسئلة الجديدة تم بطريقة متسرعة، دون إشراك المعنيين أو تهيئة الظروف اللازمة لإنجاح هذا التحول، مما انعكس بشكل سلبي على نتائج الامتحانات وعلى نشاط مؤسساتهم التي بات بعضها يعرف ركوداً غير مسبوق.
وفي ظل هذا السياق المشحون، دخل المرصد الوطني للنقل الطرقي على الخط، مطالباً بفتح تحقيق معمق لتحديد الجهة المسؤولة عن التعديلات الأخيرة التي طالت بنك الأسئلة.
المرصد، الذي تلقى شكايات متعددة من مترشحين ومهنيين، انتقد ما وصفه بـ"الاختلالات القانونية والبيداغوجية" التي شابت هذا التعديل، مؤكداً أن الأسئلة الجديدة لا تستند إلى إطار تنظيمي واضح، ولا تحترم المعايير التكوينية المعتمدة.
ووفق ما ورد في ملتمس وجهه المرصد إلى الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية، فإن بعض الأسئلة الجديدة تتضمن إشارات وعلامات مستوردة من أنظمة مرورية أجنبية، خصوصاً من أوروبا الشمالية، ما يجعلها بعيدة عن الخصوصيات الطرقية والسياقية في المغرب، وهو ما اعتبره خرقاً لمبدأ الملاءمة المنصوص عليه في التشريعات المنظمة للقطاع.
كما أشار إلى أن عدداً من المواضيع المطروحة في الامتحان تتجاوز نطاق التكوين الأساسي، وتندرج في اختصاصات تقنية أو طبية لا تهم المترشحين بشكل مباشر.
وطالب المرصد بتجميد العمل فوراً بهذه الأسئلة إلى حين عرضها على لجنة علمية مختصة تتولى إعادة صياغتها، مع إشراك مهنيي القطاع وممثلي المجتمع المدني، ضماناً للتشاركية والشفافية.
كما دعا إلى مراجعة الوثائق والمراسلات المتعلقة بهذا التعديل، وتقديم بلاغ رسمي للرأي العام يوضح خلفيات القرار ويعرض معطيات دقيقة حول نسب الرسوب والنجاح المسجلة.
من جهته، توجه النائب البرلماني عبد اللطيف الزعيم، عن حزب الأصالة والمعاصرة، بسؤال شفوي إلى وزير النقل واللوجستيك عبد الصمد قيوح، حول الإجراءات التي تعتزم الوزارة اتخاذها في ظل هذا الوضع.
وأكد البرلماني أن شهر أبريل الماضي شهد تسجيل نسب رسوب غير مسبوقة في عدد من المدن، بلغت في بعضها 95% ووصلت إلى 100% في مدن أخرى، مشيراً إلى أن هذا التدهور يتزامن مع إدخال أسئلة جديدة وفيديوهات مصورة إلى الامتحان دون إشعار مسبق.
وأشار الزعيم إلى أن اعتماد لغة تقنية معقدة في صياغة الأسئلة زاد من صعوبة الامتحان، خصوصاً في ظل استمرار استخدام اللغة العربية الفصحى بدل الدارجة التي تعتبر أكثر قرباً إلى فهم المترشحين.
وساءل البرلماني الوزير عن الإجراءات الاستعجالية التي تعتزم الوزارة اتخاذها من أجل ضمان تكافؤ الفرص وتحسين جودة التكوين، وهل ستتم مراجعة مضامين الامتحان النظري لتتلاءم مع السياق المغربي وتراعي قدرات ومستوى المترشحين.
ووسط هذا الجدل المتصاعد، تظل الأنظار موجهة إلى وزارة النقل واللوجستيك والوكالة الوطنية للسلامة الطرقية، في انتظار قرارات حاسمة تعيد الطمأنينة للمترشحين وتضمن عدالة منظومة التقييم، بعيداً عن التجارب غير المحسوبة العواقب.