ضعف تطبيق قانون الولوجيات يُفاقم معاناة الأشخاص في وضعية إعاقة

رغم مرور ما يقارب عقدين على دخول القانون رقم 10.03 المتعلق بالولوجيات حيز التنفيذ، لا تزال فئة الأشخاص في وضعية إعاقة تعاني من ضعف كبير في تفعيل هذا النص القانوني على أرض الواقع، في ظل استمرار غياب شروط الولوج السلس والآمن إلى عدد من الفضاءات والمرافق العامة والخاصة، بما في ذلك وسائل النقل، المؤسسات التعليمية، والإدارات العمومية.
وينص القانون، الذي وضع منذ البداية من أجل ضمان كرامة واستقلالية الأشخاص ذوي الإعاقة، بوضوح على ضرورة تكييف البنايات، الطرقات، الفضاءات الخارجية، ووسائل النقل لتكون قابلة للاستعمال من قبل هذه الفئة، وخصوصا ذوي الإعاقة الحركية.
غير أن الممارسة الفعلية تكشف عن فجوة واسعة بين النص القانوني والواقع، إذ لا تزال العديد من المرافق غير مهيأة بالشكل الكافي أو لا تتوفر أصلًا على تجهيزات أساسية تسهّل الولوج والحركة والتنقل.
وقد عبّرت فعاليات مدنية وحقوقية مرارا عن استيائها من خفوت النقاش العمومي حول وضعية الأشخاص في وضعية إعاقة، مشيرة إلى أن موضوع الولوجيات لا يحظى بالاهتمام الذي يستحقه داخل السياسات الحضرية والتخطيط العمراني، حيث تغيب الرؤية الشاملة لإدماج هذه الفئة وضمان مساواتها في الاستفادة من الخدمات والحقوق الأساسية.
وتنتقد هذه الفعاليات استمرار مظاهر الإقصاء البنيوي في الفضاءات العصرية، التي يتم تصميمها أحيانًا دون مراعاة المعايير المعتمدة دوليًا في ما يخص الولوجيات، مما يُكرّس عزلة هذه الفئة ويصعّب من اندماجها اليومي في النسيج المجتمعي.
وعبر عدد من الأشخاص في وضعية إعاقة مرارا عن معاناة يومية حقيقية، تبدأ من الخروج من المنزل وتنتهي بمحاولة ولوج مرفق عمومي أو خاص، في غياب تجهيزات أساسية مثل المنحدرات، المصاعد الملائمة، أو المرافق الصحية المصممة حسب معايير ذوي الإعاقة.
وفي خضم هذه الوضعية، دخل البرلمان على خط النقاش، حيث وجّه النائب البرلماني محمد حماني سؤالًا شفويًا إلى وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، استعرض فيه جملة من الإشكالات التي تعترض تفعيل قانون الولوجيات.
وساءل الحكومة عن التدابير المزمع اتخاذها لضمان ولوج فعلي للأشخاص في وضعية إعاقة إلى المرافق العمومية والخدمات الاجتماعية.
وأشار النائب البرلماني في سؤاله إلى أن أغلب ما تم إنجازه حتى اليوم لا يرقى إلى مستوى المعايير الدولية، ما يشكّل، بحسبه، خرقًا صريحًا للحقوق الدستورية والإنسانية لهذه الفئة، داعيًا إلى نهج سياسة شاملة ترتكز على تفعيل القانون، وتحقيق العدالة المجالية في ما يخص تهيئة الفضاءات.
وما يزيد من تعقيد الوضع، حسب المهتمين بالملف، هو غياب ربط المسؤولية بالمحاسبة في ما يخص مخالفة مقتضيات قانون الولوجيات، وافتقار مشاريع البنية التحتية لمراقبة صارمة خلال مراحل إنجازها.
هذا بالإضافة إلى ضعف التنسيق بين القطاعات الحكومية، مما يؤدي إلى تشتت الجهود واستمرار الوضع على ما هو عليه.
وتأمل فئة الأشخاص في وضعية إعاقة أن تتحول النصوص القانونية من مجرد التزامات على الورق إلى واقع ملموس يسهّل اندماجهم، ويعيد الاعتبار لكرامتهم وحقهم في التنقل والعيش باستقلالية، دون أن يتحول كل خروج إلى الشارع إلى مغامرة محفوفة بالعقبات والحواجز.