بنعبد الله: الوجوه الفاسدة معروفة ويجب إبعادها عن العملية الانتخابية

في لحظة تعكس عمق القلق السياسي والاجتماعي الذي بات يخيم على المشهد الوطني، أطلق الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، محمد نبيل بنعبد الله، نداءً صريحًا لإعادة الاعتبار للممارسة الديمقراطية في المغرب، من خلال تطهير العملية الانتخابية من الفساد واستعادة ثقة الشباب في السياسة.
وجاء ذلك خلال لقاء تواصلي نظمه بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بأيت ملول، التابعة لجامعة ابن زهر في أكادير، حيث وجه بنعبد الله الحضور برسائل قوية والدعوات إلى التغيير العميق خلال الحملات الانتخابية المقبلة.
وشدد بنعبد الله على أن نزاهة الانتخابات تظل وهمًا ما دامت المليارات تُضخ في السباقات الانتخابية لشراء الولاءات واستمالة الأصوات، معتبرًا أن مثل هذه الممارسات تشوه جوهر الديمقراطية وتشجع على إعادة إنتاج نفس الوجوه التي وصفها بـ"الفاسدة والمعروفة".
وأضاف أن من غير المعقول الحديث عن انتخابات نزيهة في ظل غياب إرادة سياسية واضحة لمحاربة هذه الظواهر، مؤكدًا أن جزءًا كبيرًا من الأزمة يكمن في تطبيع المشهد السياسي مع المال الفاسد والممارسات الانتهازية.
المسؤول الحزبي أشار إلى أن هناك أسماء بعينها يُعرف ارتباطها بممارسات مشبوهة، ورغم ذلك يُسمح لها بالترشح، وهو ما يشكل، بحسب تعبيره، استخفافًا بالوعي الجماعي وضربًا في الصميم لمصداقية الانتخابات.
واسترسل في القول إن على الدولة أن تتحمل مسؤوليتها في إبعاد هذه العناصر، لكن أيضًا على الأحزاب أن تعيد النظر في معايير اختيار مرشحيها، وأن ترفض الاستمرار في التواطؤ مع من يستعمل المال لشراء الأصوات، سواء قبل الحملة أو خلالها.
وفي سياق متصل، انتقد بشدة السلوك السلبي الذي أصبح يميز علاقة الشباب بالسياسة، حيث باتت مواقع التواصل الاجتماعي هي المرجع الوحيد للعديد منهم، رغم ما تحمله من خطاب تبسيطي يُعمم الأحكام ويفتقر إلى العمق.
وقال إن هذه المنصات تسهم في صناعة وعي مشوّه، يجعل الشباب يرون السياسة من زاوية الريبة والسخرية، ويضع الجميع في سلة واحدة، ما يعمق من أزمة الثقة بدل معالجتها.
أمام هذا الواقع، شدد بنعبد الله على أن الحل لا يكمن في الشعارات ولا في خطب المناسبات، بل في إحداث قطيعة حقيقية مع الأساليب البالية، وإطلاق مشروع تربوي وسياسي جديد يُعيد الاعتبار للفعل الحزبي، ويُربطه بالواقع الملموس للمواطن.
كما قال إن الطريق إلى ذلك يبدأ من المدرسة، حيث يجب غرس بذور المواطنة منذ المرحلة الثانوية، عبر تربية مدنية تفاعلية لا تكتفي بالمفاهيم النظرية، بل تُشرك التلميذ في فهم مشكلات مجتمعه والانخراط في البحث عن حلول لها.
وختم الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية مداخلته برسالة واضحة: إن استرجاع الشباب إلى السياسة ليس ترفًا ولا ترفيعًا في سقف الطموحات، بل هو شرط وجودي لبقاء الديمقراطية نفسها.
وطالب بأن يُبنى هذا الانخراط على أساس مشروع قيمي وفكري، يُنقّي السياسة من الشوائب، ويعيد إليها معناها النبيل المرتبط بخدمة الناس، وتحقيق العدالة الاجتماعية والكرامة والمساواة.