البيضاويون متوجسون من تقنين الكارديانات.. هل ينهي الفوضى أم يشرعن الاستغلال؟

الكاتب : انس شريد

11 مايو 2025 - 11:50
الخط :

في الوقت الذي يُنتظر فيه من دفتر التحملات الجديد الخاص بحراسة السيارات بالدار البيضاء أن يُنهي فوضى طالما أرّقت السائقين ورواد الشوارع، ما يزال البيضاويون يتوجسون من أن يتحول تقنين هذه المهنة إلى غطاء جديد لممارسات الابتزاز.

ومع ارتفاع درجة الحرارة، حيث تزداد وتيرة التنقل والترفيه، خصوصًا في مناطق كعين الذئاب، يتصاعد القلق من ارتفاع الأسعار بشكل غير مبرر في عطلة نهاية الأسبوع، وسط تساؤلات عن قدرة المجلس الجماعي على فرض النظام على كل رقعة من رقع المدينة الشاسعة.

وتم تداول تدوينات عديدة في المجموعات الفيسبوكية المهتمة بالشأن المحلي، عبّر فيها المواطنون عن تخوفهم من أن تتحول شرعنة حراس السيارات إلى مظاهر ابتزاز مقننة، خاصة مع اقتراب فصل الصيف، متسائلين عن الكيفية التي سيقوم بها المجلس الجماعي بمراقبة حراس السيارات المنتشرين في مختلف مناطق المدينة، في ظل محدودية الإمكانيات وصعوبة تتبع جميع النقط السوداء المعروفة بالاستغلال العشوائي للملك العمومي.

مطالبين بتدابير فعالة وملموسة لضمان تنزيل دفتر التحملات الجديد بشكل عادل وناجع.

ووفقا لمصادر الجريدة 24، فإن من بين المقترحات التي طُرحت داخل مجلس جماعة الدار البيضاء لتأطير نشاط الحراسة، تحديد تسعيرة تتراوح ما بين 3 و5 دراهم لحراسة السيارات، غير أن هذه التسعيرة لم يُحسم فيها بعد، في انتظار صدور القرار الجبائي الرسمي الذي سيُحددها بشكل نهائي.

وتؤكد المصادر ذاتها أن هناك نقاشًا داخليًا حول كيفية التوفيق بين ضمان تسعيرة عادلة من جهة، وعدم إثقال كاهل المواطنين أو فسح المجال للممارسات غير القانونية من جهة أخرى.

وكان مجلس جماعة الدار البيضاء قد صادق، خلال دورته العادية لشهر ماي، على دفتر تحملات جديد ينظم استغلال الملك العمومي لحراسة السيارات والدراجات، في محاولة لاحتواء واحد من أكثر الملفات الاجتماعية حساسية وإثارة للجدل. واعتُبر هذا القرار خطوة تنظيمية كبرى تستهدف إنهاء العشوائية التي لطالما وسمت هذا النشاط، الذي ظل يُمارَس لسنوات خارج أي إطار قانوني أو جبائي، وهو ما ساهم في تعميق شعور المواطنين بالاستغلال وغياب الحماية.

ووضع دفتر التحملات الجديد شروطًا دقيقة للاستفادة من رخصة الحراسة، تراعي الجوانب الاجتماعية والتنظيمية، حيث يشترط أن يكون المتقدم من سكان المقاطعة المعنية، وأن يُدلي بشهادة تثبت وضعيته الاجتماعية وشهادة عدم الشغل، مع إعطاء الأسبقية لفئات هشة كالأرامل والمعيلين الوحيدين وذوي الاحتياجات الخاصة القادرين على أداء المهام المطلوبة.

كما منع على المستفيدين امتلاك عقارات بصفتهم ملاكًا فرديين، في حين تم منح الأولوية لحراس السيارات الذين كانوا يزاولون النشاط سابقًا ويتوفرون على الشروط المستحدثة.

ولضمان تنظيم فعلي للمهنة، فرضت الجماعة التزامًا بارتداء زي موحد يحمل اسم الحارس ورقم رخصته، واحترام المسافة القانونية المحددة في 70 مترًا بين كل نقطة وأخرى، إلى جانب حظر التعامل خارج التسعيرة الرسمية التي سيُعلن عنها في القرار الجبائي المقبل.

كما شددت بنود دفتر التحملات على منع فرض أي إتاوات أو رسوم إضافية، ومنع الدخول في مشادات مع المواطنين أو مع الزملاء، بالإضافة إلى منع مزاولة أي نشاط آخر غير الحراسة كغسل السيارات أو عرض السلع، والالتزام بسداد الواجبات الجبائية المستحقة.

وعقِب المصادقة، أكدت عمدة مدينة الدار البيضاء نبيلة الرميلي أن هذا الإصلاح هو استجابة مباشرة لشكاوى المواطنين التي تقاطرت على مصالح الجماعة، معتبرة أن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تقنين حقيقي لهذه المهنة داخل إطار قانوني واضح.

وأعلنت بالمناسبة عن إطلاق منصة إلكترونية جديدة تحت اسم "رخص"، تتيح لطالبي الرخص تقديم ملفاتهم بطريقة شفافة ومنظمة، واختيار المواقع المتاحة، مع استثناء المناطق الخاضعة لنظام العدادات (لا زون بلو) التي تُدبرها شركة "كازا بيئة".

وأوضحت الرميلي أن دراسة الطلبات ستُعرض على لجنة مختلطة تضم ممثلين عن الجماعة والأمن والسلطات المحلية، لبحثها بناء على معايير دقيقة، تضمن تفادي المحسوبية أو الاحتكار، وتحقق توزيعًا عادلًا للرخص في المدينة.

كما شددت على أن الرخصة ينبغي تعليقها في مكان بارز، مرفقة ببطاقة مهنية، وأن عدم الالتزام بذلك أو بأي من بنود الدفتر قد يُعرض الحارس لسحب الترخيص.

ورغم ما تحمله هذه الخطوة من مؤشرات إصلاحية واعدة، إلا أن الشارع البيضاوي لا يزال متحفظًا.

آخر الأخبار