فاجعة فاس تفتح ملف المباني الآيلة للسقوط والاتهامات تلاحق العمدة ورئيس المقاطعة

الكاتب : انس شريد

12 مايو 2025 - 06:30
الخط :

في أعقاب الفاجعة التي هزت مدينة فاس نهاية الأسبوع الماضي، عادت قضية المباني الآيلة للسقوط إلى واجهة النقاش العمومي والسياسي بالمغرب، بعد أن لقي عشرة أشخاص مصرعهم وأصيب ستة آخرون في حادث انهيار عمارة سكنية من ستة طوابق بحي الحسني بمقاطعة المرينيين.

وحركت المأساة التي خلفت حزناً عميقاً في أوساط المواطنين، حركت مياهاً راكدة تحت قبة البرلمان، حيث سلطت المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، اليوم الإثنين، الضوء على ما وصفته بـ"الخروقات الخطيرة" التي يعرفها قطاع التعمير والإسكان، محملة المسؤولية لمسؤولين محليين اعتبروا أنهم تهاونوا في أداء مهامهم.

وفي جلسة الأسئلة الشفوية الأسبوعية بمجلس النواب، وجه كاتب الدولة المكلف بالإسكان، أديب بنبراهيم، انتقادات لاذعة لرئيس مقاطعة المرينيين وعمدة مدينة فاس، محملاً إياهما المسؤولية المباشرة في الفاجعة.

وأكد أن العمارة المنهارة سبق وأن صدر في حقها قرار بالإخلاء منذ سنة 2018، وهو ما كان يستدعي التحرك الفوري لتنفيذه، حفاظاً على أرواح المواطنين الذين بقوا في المبنى حتى لحظة الانهيار.

وأوضح أن “رئيس المقاطعة كان عليه متابعة الملف وإخراج السكان من العمارة، بدل تركهم يموتون هناك”، مضيفاً أن عمدة المدينة “يتحمل هو الآخر مسؤولية فيما جرى”.

وتوقف المسؤول الحكومي عند الإطار القانوني الذي يؤطر التعامل مع المباني الآيلة للسقوط، مشيراً إلى أن القانون رقم 94.12 الذي دخل حيز التنفيذ سنة 2017، وضع حداً لحالة الغموض التي كانت تسود هذا المجال، حيث تم تحديد المسؤوليات بشكل دقيق، بدءاً من السكان القاطنين الذين يقع على عاتقهم واجب الإبلاغ عن أي خطر، مروراً برئيس الجماعة الذي يُفترض فيه اتخاذ الإجراءات القانونية من مراسلات وقرارات بالإفراغ، وصولاً إلى اللجنة الإقليمية التي يرأسها العامل أو الوالي، والتي باتت الجهة المخولة قانوناً بمتابعة هذا النوع من الملفات.

وفي السياق ذاته، ذكّر بنبراهيم بإحداث الوكالة الوطنية للتجديد الحضري ومعالجة المباني الآيلة للسقوط، والتي تُعنى بجرد الوضعية التقنية للبنايات المهددة بالانهيار وتقديم الخبرات اللازمة بشأنها.

وتابع أن مهمة الوزارة في هذا الإطار تقتصر على توفير الأطر التنظيمية والدعم التقني، في حين أن القرار التنفيذي يظل من اختصاص السلطات المحلية والإقليمية.

وأعاد حادث انهيار عمارة فاس النقاش إلى نقطة الصفر بشأن السياسات العمومية في مجال التعمير والسكن، وأثار تساؤلات حارقة حول مدى نجاعة الترسانة القانونية وتطبيقها على أرض الواقع، في ظل غياب مراقبة صارمة وتضارب في المسؤوليات بين مختلف الفاعلين.

كما كشف الحادث عن هشاشة البنية السكنية في عدد من الأحياء الشعبية، التي ظلت لعقود تعاني من الإهمال وغياب تدخلات وقائية فعالة، رغم التحذيرات المتكررة من نشطاء المجتمع المدني والمهندسين والخبراء.

ومع اتساع رقعة المباني المهددة بالانهيار في عدد من مدن المملكة، يزداد الضغط على صناع القرار لتجاوز منطق المعالجة الترقيعية، نحو وضع خطة وطنية شاملة تستجيب لحجم التحديات المطروحة، وتضع السلامة البشرية فوق كل اعتبار.

آخر الأخبار