رغم ضغط المعارضة.. وهبي يتجاهل التعديلات ويتمسك بتقييد الجمعيات في قضايا الفساد

الكاتب : انس شريد

13 مايو 2025 - 06:30
الخط :

أعاد وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، الجدل إلى واجهة النقاش السياسي والقانوني، بعد إعلانه الحاسم عن رفض كافة التعديلات التي اقترحتها الفرق البرلمانية بشأن المادة 7 من مشروع قانون المسطرة الجنائية، والمتعلقة بالسماح لجمعيات المجتمع المدني بالولوج إلى القضاء في قضايا الفساد والمال العام دون قيود.

وأكد الوزير، تشبثه بالمقتضيات الأصلية، متعللًا بالحاجة إلى حماية المؤسسات من الشكايات العشوائية، ومعلنًا أن المال العام ليس مباحًا أمام محاولات الابتزاز.

وفي اجتماع لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب، الذي خصص للبث في التعديلات المقدمة على مشروع القانون، أوضح وهبي أن الحكومة لن تتنازل عن شرط الاعتراف بالمنفعة العامة، ولا عن اشتراط مرور أربع سنوات على تأسيس الجمعية، فضلًا عن ضرورة الحصول على إذن وزارة العدل قبل التقدم بأي شكاية.

وأضاف الوزير أنه توصل شخصيًا بشكاية مؤلفة من عشرين صفحة تتهم مسؤولًا بارزًا بارتكاب سبعين جناية، مشيرًا إلى أن صياغتها توحي بكونها كتبت داخل مقهى.

وعلّق قائلاً: “المال العام ماشي سايب، لي سايب هو الابتزاز”، في إشارة إلى ما اعتبره استغلالا سيئا لحق التقاضي من طرف بعض الجهات.

مواقف وهبي الصارمة ترجمتها أرقام رسمية، كشفت عن نسبة استجابة متدنية لمجموع التعديلات البرلمانية.

وتقدمت الأغلبية الحكومية بـ155 تعديلا، حسب ما كشف عنه وهبي، قُبل منها 43 فقط، أي بنسبة 28 بالمائة.

في المقابل، لم تتجاوز نسبة الاستجابة لتعديلات المعارضة 9 بالمائة، حيث تم قبول 42 تعديلًا من أصل 309 تقدم بها الفريق الاشتراكي، و28 من أصل 186 للفريق الحركي، و11 فقط من أصل 167 لفريق التقدم والاشتراكية.

أما المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، فقد اقترحت 435 تعديلًا، لم يُقبل منها سوى 21.

وتمتد هذه النسب المنخفضة إلى التعديلات المقدمة من النواب غير المنتسبين، إذ لم يحظ تعديل ريم شباط إلا بموافقة واحدة من أصل 12، كما تم قبول تعديلين فقط من أصل 55 تقدمت بها فاطمة التامني، وتعديل وحيد من أصل 24 لنبيلة منيب.

وأكد الوزير أن جميع التعديلات خضعت لدراسة دقيقة من طرف لجنة وزارية، مشددًا على أن الحكومة تميز بين ما هو مقبول وما قد يؤدي إلى فوضى في المجال القضائي.

ورغم الانتقادات الموجهة إلى الحكومة بشأن تقليص هامش النقاش، طلب وهبي من النواب الاقتصار على عرض أرقام تعديلاتهم بدل الترافع عنها، بدعوى عدم إضاعة الوقت في مقترحات مآلها الرفض المسبق.

وأشار إلى أن النقاش داخل وزارته دام طويلًا حول هذه النقاط، وأن الموقف المتخذ نابع من قناعة بضرورة ضبط آليات التقاضي ومنع الانزلاقات المحتملة.

مواقف وزير العدل الصلبة بخصوص المواد 3 و7 من المشروع، أثارت استنكارًا في صفوف المعارضة، التي اعتبرت أن الحكومة تسعى إلى تقييد أدوار المجتمع المدني، وإفراغ الآليات الديمقراطية من محتواها الرقابي، بينما يرى الوزير أن الأمر يتعلق بضمان استقرار المؤسسات ومنع التسيب في استعمال حق التقاضي.

وجدد وهبي تأكيده خلال مداخلاته رفضه المطلق لأي تعديل يمنح الجمعيات حرية رفع الشكايات ضد المسؤولين المنتخبين، مشيرًا إلى أن دولًا أخرى، بينها إسبانيا، تبنت قوانين أكثر تشددًا في هذا المجال.

ووسط هذا الجدل القانوني والسياسي، يبقى مشروع قانون المسطرة الجنائية محور مواجهة بين رؤية حكومية حذرة من “الابتزاز”، وطموحات برلمانية ومجتمعية تسعى إلى تعزيز الرقابة والمحاسبة.

ويظل الرهان معلقًا على الموازنة الدقيقة بين حماية المؤسسات، وصيانة حق المجتمع في تتبع المال العام ومساءلة المسؤولين عنه.

آخر الأخبار