المعارضة تقرع ناقوس الخطر: تعديل الجبايات غير عادل والفساد الانتخابي خارج الرقابة

وافق مجلس النواب، اليوم الثلاثاء، على مشروع القانون رقم 14.25 المتعلق بتعديل منظومة جبايات الجماعات الترابية، وسط دعم صريح من فرق الأغلبية وتسجيل امتناعين فقط دون أي اعتراض.
وأعاد المشروع الذي قدّمه وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت في جلسة عمومية تشريعية، فتح النقاش حول العدالة الجبائية، والرهانات المرتبطة بتمويل الجماعات المحلية وتعزيز استقلاليتها المالية.
وشهد النقاش البرلماني تباينا واضحا في وجهات النظر، إذ أبدى نواب المعارضة عدة تحفظات، محذرين من أن التعديلات الجديدة قد تُفرز إشكالات ميدانية حقيقية، خصوصا فيما يتعلق بالرسوم المفروضة على الأراضي الحضرية غير المبنية.
ونبه النائب عادل السباعي عن الفريق الحركي إلى غياب معايير وطنية موحدة لتحديد هذه الرسوم، معتبرا أن الاعتماد فقط على وثائق التهيئة غير كافٍ، وداعيا إلى إحداث هيئة وطنية مستقلة تتولى تصنيف المناطق العقارية بناء على معطيات موضوعية.
في الاتجاه ذاته، أكد النائب أحمد العبادي عن فريق التقدم والاشتراكية أن هناك رهانا حقيقيا على هذه الرسوم لتقوية مداخيل الجماعات وتحسين جودة خدماتها، لكنه شدد في المقابل على ضرورة تسريع إخراج الإدارة الجهوية الجبائية إلى حيز الوجود.
كما استغل مداخلته لتوجيه دعوة صريحة إلى وزير الداخلية من أجل التصدي للفساد الانتخابي، مشيرا إلى أن فئة المنتخبين تضم حوالي 1600 رئيس جماعة وقرابة 33 ألف منتخب، يتطلب الأمر حماية صورتهم ومهامهم من الشبهات والإساءات.
النقاش أخذ بعدا سياسيا أوسع مع مداخلة عبد الرحيم شهيد، رئيس الفريق الاشتراكي ـ المعارضة الاتحادية، الذي طالب بوقف التعامل مع المنتخبين بمنطق الشك والتبخيس، منتقدا ما وصفه بانطلاق حملات انتخابية مبكرة من قبل بعض أحزاب الأغلبية، في وقت يفترض فيه احترام قواعد التنافس النزيه والمواعيد القانونية.
ومن زاوية أخرى، وصفت النائبة فاطمة الزهراء التامني عن فيدرالية اليسار الديمقراطي التعديلات المطروحة بأنها لا ترقى إلى مستوى إصلاح جبائي عادل، معتبرة أن عبء الجبايات لا يزال محصورا على المواطنين البسطاء والمهنيين الصغار، بينما تواصل لوبيات العقار الاستفادة من إعفاءات ممنهجة.
وأشارت إلى أن نقل صلاحيات التحصيل الجبائي إلى المركز يتناقض بوضوح مع مبدأ الجهوية المتقدمة الذي يُفترض أن يعزز استقلالية القرار المحلي.
وأعادت المداخلات البرلمانية إلى الواجهة النقاش المتجدد حول طبيعة العلاقة بين الإدارة الجبائية والمجالس المنتخبة، وحول كيفية تحويل الجبايات من مجرد آلية استخلاص إلى أداة تنمية محلية حقيقية.
وبينما ترى الأغلبية في التعديل خطوة إصلاحية لتعزيز الموارد الذاتية، ترى المعارضة أنه يتطلب حوكمة دقيقة وضمانات واضحة لتحقيق العدالة الجبائية وتفادي الضغط على الفئات الهشة.