هل بات تعديل مدونة الشغل وشيكا لإنصاف الشغيلة وإنعاش فرص العمل؟

الكاتب : انس شريد

13 مايو 2025 - 08:30
الخط :

تزايدت في الآونة الأخيرة الدعوات إلى مراجعة مدونة الشغل المغربية، في ظل تزايد شكاوى الشغيلة وممثليها من مواد يعتبرونها غير منصفة ولا تواكب تحولات سوق العمل الوطنية.

هذه الدعوات وجدت صدى لها تحت قبة البرلمان، خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس المستشارين، حيث طُرح الموضوع بإلحاح على وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، يونس السكوري، الذي كشف بدوره عن توجه الحكومة نحو إدخال تعديلات جوهرية على الإطار التشريعي المنظم لعلاقات الشغل.

وأكد السكوري، أن الحكومة ستشرع في لقاءات تشاورية موسعة مع النقابات وممثلي المشغلين في أفق أكتوبر المقبل، بهدف صياغة تصور تشاركي لمراجعة مدونة الشغل، بما يضمن إنصاف الفئات التي تعاني من الحيف، وفي الوقت نفسه منح دفعة قوية لسوق الشغل، وتحفيز المشغلين على فتح مزيد من فرص التوظيف.

وشدد على أن التعديلات المرتقبة لا تهدف فقط إلى تصحيح الاختلالات، بل إلى مواكبة التحولات الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية التي فرضت نفسها خلال السنوات الأخيرة، مشيرًا إلى أن المدونة بصيغتها الحالية لم تعد قادرة على مواكبة متطلبات المرحلة الجديدة.

من جانب آخر، قدم الوزير حصيلة سوق الشغل خلال السنة الجارية، والتي وصفها بالإيجابية مقارنة مع السنوات السابقة، حيث تم خلق حوالي 280 ألف منصب شغل صافي، رغم الظرفية المتسمة بعدة تحديات اقتصادية ومناخية.

وأوضح أن هذا الرقم يأتي نتيجة تسجيل 350 ألف منصب شغل جديد خلال الفصل الأول من السنة، مقابل فقدان 70 ألف منصب، أغلبها في القطاع الفلاحي، الذي تأثر بتقلبات مناخية حادة.

وسجلت نسبة البطالة تراجعًا طفيفًا، حيث انتقلت من 13.7 في المائة إلى 13.3 في المائة، ما اعتبره الوزير مؤشرًا على دينامية جديدة بدأت تتشكل في السوق الوطنية.

وأضاف أن هذا التحسن يعكس تحولات إيجابية في قطاعات حيوية، خصوصًا قطاع الخدمات الذي وفر 216 ألف منصب شغل، يليه قطاع الصناعة، بما في ذلك الصناعة التقليدية، بـ80 ألف منصب، ثم قطاع البناء والأشغال العمومية بـ50 ألف منصب..

وفي هذا السياق، كشفت الحكومة عن اعتماد ثلاثة محاور استراتيجية لدعم التشغيل، يأتي في مقدمتها تشجيع الاستثمار في المقاولات الصغرى والمتوسطة، خاصة تلك التي تقل استثماراتها عن 5 ملايين درهم، والتي توفر، بحسب الوزير، أكثر من 83 في المائة من مناصب الشغل داخل القطاع المهيكل.

ووفقًا لمعطيات رسمية، فإن هذه الفئة مرشحة لخلق نحو 40 ألف منصب شغل قار خلال الفترة المقبلة، إذا ما توفرت لها الظروف المناسبة.

وبين الحاجة إلى تحفيز الاستثمار وتعزيز الحماية الاجتماعية وتحقيق التوازن في العلاقة بين الشغيلة والمشغلين، تبدو مهمة مراجعة مدونة الشغل معقدة ولكنها حتمية، وفق ما يذهب إليه مراقبون يرون أن الدينامية الحالية قد تشكل فرصة تاريخية لإعادة ترتيب العلاقة الشغلية في المغرب، بما يضمن عدالة اجتماعية واقتصادية تفتح آفاقًا أرحب لمناخ العمل والاستثمار معًا.

آخر الأخبار