هذه حكاية سقوط النصاب "هشام جيراندو" ضحية للنصاب الأكبر منه "مهدي حيجاوي"

سمير الحيفوفي
لا شيء يأتي بالصدفة، وكذلك عندما طرأ النصاب المدعو "هشام جيراندو" في العالم الافتراضي، لم يكن مجرد ظاهرة صوتية بل دمية في مسرح العرائس، يتحكم في خيوطه من وراء الستار أشخاص لهم باع طويل في العبث والنصب والاحتيال، مثل المدعو "مهدي حيجاوي"، وهذه هي قصة العلاقة الشائنة التي تجمع بين الاثنين.
لقد ظهر المدعو "هشام جيراندو"، بغتة، وفي العالم الرقمي وقد وجد فيه جد مجالا ليحتال ويبتز أشخاصا عبر فيديوهات يصورها لنفسه من كندا، لكنه كان بذلك يقدم نفسه لقمة سائغة، إلى من يتصيدون الفرص، مثل المدعو "مهدي حيجاوي"، الذي استقر على أنه غر ساذج ورأى فيه ما يغريه باستخدامه فيما يرضي أهواءه المرَضِيَّة.
ولفهم تركيبة العلاقة بين الطرفين، لا بد من المرور إلى سيرة "مهدي حيجاوي"، إذ كان موظفا بجهاز المخابرات الخارجية، قبل أن يلعب بذيله ويجري طرده منها شر طردة بعدما عمد إلى النصب والاحتيال والتزوير في وثائق رسمية، ومع ذلك وكما يقال فالرقاص لا ينسى هزَّ الكتف، فقد ظل على نفس الحال وسار على نفس المنوال.
وفي استغلال سافر منه لسذاجة البعض ظل "مهدي حيجاوي"، متمترسا خلف صفته السابقة قبل طرده، واستنادا إلى ما خبره في سنوات عمره، كان يقدم نفسه للسذج أمثال "هشام جيراندو"، على أنه لا يزال موظفا في الجهاز الذي تخلص منه، ومن هنا بدأ مشواره الانتقامي سعيا لتشويه مؤسسات الدولة.
وفي مسعاه وجد ضالته في المحتال "هشام جيراندو"، وكان أن تلقفه بعدما رأى فيه جوعا شديدا للشهرة ونرجسية تجعله طيعا لكل من يمهد له التبن فوق الماء، بالتالي أوهمه بأنه نافذ وبأنه قادر على فعل كل الأفاعيل، حتى نصب عليه وكذب عليه كذبة صدقها الغر الساذج وهي أنه ضرب موعدا مع فؤاد عالي الهمة، المستشار الملكي.
وإذ سرعان ما انقاد "هشام جيراندو" لـ"مهدي حيجاوي"، فإن الأخير أوهمه بأنه ينال رضا جهات عليا، وبأنها تبارك ما ينشره من ترهات يمدها به المتحكم فيه، فظن الأول بأنه محظي دون أن يفطن إلى أنه سقط فريسة لنصاب محتال استطاع تسخيره لقضاء حاجاته منه وغاياته المتمثلة في تشويه مؤسسات الدولة.
وبينما تفانى الساذج "هشام جيراندو" في خدمة "مهدي حيجاوي"، تمادى الأخير كثيرا، فجعل من نفسه المرجع الأول له، فكان يعود إليه في كل صغيرة وكبيرة، من قبيل كيفية تقديم المعلومات المضللة التي كان ينفحه بها وتوقيت نشر الفيديوهات وما إلى ذلك، دون أن يدري أنه يساق من قبل "حيجاوي" إلى المسلخ مباشرة.
وكما أصبح "هشام جيراندو" إرهابيا وحكم عليه، غيابيا، بـ15 سنة سجنا نافذا، فإنه إنما يحصد نتاج علاقته المريبة بـ"مهدي حيجاوي"، والتي جعلته يرتع في العالم الافتراضي ويقول ما يُلَقَّن من طرفه دون أن يتبادر على ذهنه أنه مجرد دمية يجري التلاعب بها من قبل نصاب ومحتال خطير.
وكان أن توثقت العلاقة بين "هشام جيراندو" و"مهدي حيجاوي"، وباشرا نسج شبكة وضعت نصب أعينها تشويه مؤسسات الدولة، سرعان ما انضم إليها جوقة الخونة "زكرياء مومني" و"محمد حاجب" و"علي المرابط"، وقد شكلوا "أوركسترا" تردد في نفس التوقيت ما يتلقونه من الـ"مايسترو" النصاب "مهدي حيجاوي".
وبعد ردح من الوقت خرجت إلى الوجود صفحة "تحدي"، التي أنشأها "هشام جيراندو" بمعية "مهدي حيجاوي"، لتكون شبكة افتراضية، يصطاد بها الاثنان ضحاياهم بعدما زاغت قدما الساذج الهارب إلى كندا، ووجد نفسه رهن إشارة "حيجاوي"، وقد تورط كثيرا معه في وحل لا يمكن الخروج منه.
ولاشي أدل على أن "تحدي" هي واجهة لشبكة نصب واحتيال من التحليل الذي أنجزته منصة "Criminal IP"، التي وثقت على أنها تؤتي نشاطات رقمية مشبوهة، فهي وكما تستغل لتشويه مؤسسات الدولة وتصريف حسابات انتقامية تستهدف أيضا الأمن المعلوماتي للمغاربة.
إنها بعض من تفاصيل حكاية سقوط النصاب "هشام جيراندو" ضمن جراب نصاب أكبر منه هو "مهدي حيجاوي"، فالثاني يخطط في الخفاء بينما الأول ينفذ، ويظهر في الواجهة، في تجلٍّ سافر لتوزيع خبيث للأدوار ضمن مشروع بدأ بكذبة صدقها الساذج الهارب إلى كندا ثم أصبح إرهابيا بحكم قضائي.