مخاوف برلمانية من توظيف الفضاء الرقمي في تصفية الحسابات الانتخابية

مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية، يتصاعد منسوب القلق داخل الأوساط السياسية والمؤسساتية بالمغرب، جراء ما وصفه نواب برلمانيون بـ"التنامي المقلق" لحملات التشهير والابتزاز الرقمي التي تطال المنتخبين وتنعكس سلبًا على صورة الحياة السياسية برمتها.
هذا القلق عبرت عنه بوضوح البرلمانية فاطمة خير، عن فريق التجمع الوطني للأحرار، خلال اجتماع لجنة التعليم والاتصال والثقافة بمجلس النواب، حيث دعت إلى تقنين استخدام وسائط التواصل الاجتماعي، التي باتت مسرحًا مفتوحًا لحروب إلكترونية تؤثر في الرأي العام وتمس بمصداقية المؤسسات.
وشددت فاطمة خير في مداخلتها على أن منصات مثل فيسبوك، واتساب، إنستغرام، وتيك توك، رغم ما تتيحه من إمكانيات للتعبير والتواصل، أصبحت تفرز ممارسات مقلقة من قبيل نشر الأخبار الزائفة، وخطابات الكراهية، والابتزاز، مما يستدعي تدخلاً تشريعياً عاجلاً.
من جانبه، شدد فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب، على لسان رئيسه أحمد التويزي، على أن الفضاء الرقمي بات يشكل تهديداً حقيقياً للسلم المؤسساتي والديمقراطي في البلاد، في ظل الحملات المنظمة التي تستهدف المنتخبين، وتؤثر في تشكيل الرأي العام وتوجهاته.
التويزي أشار إلى أن الظاهرة لا تهم المغرب وحده، بل تمس كل الدول، مؤكداً أن هناك من يستغل هذه الفضاءات لبث الفوضى والتشويش.
ودعا إلى ضرورة دعم الإعلام المهني، وتضمين القانون الجنائي مقتضيات صارمة تجرم السب والقذف والاتهامات المجانية، لحماية الحياة الخاصة والكرامة الإنسانية، خصوصاً للمنتخبين الذين أصبحوا، بحسبه، أهدافاً مباشرة لحملات تشويه منظمة.
وعبرت البرلمانية نادية بوزندفة، عن ذات الفريق، عن قلقها من تفشي ظاهرة محاكمات افتراضية تُشن ضد المنتخبين عبر منصات التواصل وبعض المنابر الإعلامية، معتبرة أن هذه الحملات تهدف إلى زعزعة الثقة في المؤسسات المنتخبة وتقويض مصداقيتها.
وأكدت أن الدفاع عن المنتخبين لا يعني التستر على الفساد، بل هو دفاع عن شرعية المؤسسات، داعية إلى ضرورة التمييز بين الرقابة المحمودة والتشهير المغرض، الذي يسعى إلى اغتيال الشخصيات معنوياً دون محاكمة أو دليل.
وأقر الوزير محمد المهدي بنسعيد، الذي حضر الاجتماع، بدوره بالحاجة الملحة إلى تأطير قانوني جديد يواكب تطور الوسائط الرقمية دون أن يقيد حرية التعبير.
وأكد أن المغرب حقق مكاسب مهمة في مجال حرية الإعلام وتنوعه، لكن التحديات تفرض مزيداً من الجهد لتأمين بيئة إعلامية صحية ومتوازنة، تضمن التعددية، وتحمي في الوقت نفسه الفضاء العمومي من الابتذال والافتراء.
ما بين التحذير من حملات التشهير، والدعوة إلى الضبط القانوني، يظهر أن المغرب يقف على عتبة مرحلة حاسمة تتطلب موازنة دقيقة بين الحريات الرقمية والضوابط الأخلاقية والقانونية، خاصة مع اقتراب الانتخابات التشريعية.