من مدونة الشغل إلى إصلاح وكالة أنابيك.. تحولات مرتقبة في دعم التشغيل وتأهيل المقاولات الصغرى

في وقت يستعد فيه المغرب لاستضافة تظاهرة كبرى بحجم كأس العالم 2030، إلى جانب كل من إسبانيا والبرتغال، تتجه الأنظار إلى الدور المحوري الذي من المنتظر أن تضطلع به المقاولات الصغرى والمتوسطة في إنجاح هذه المحطة الاستثنائية.
غير أن هذه الفئة، التي تُعد عصب النسيج الاقتصادي الوطني، ما زالت تعاني من إكراهات مزمنة تعيق نموها وتحدّ من قدرتها على المساهمة الفعلية في الدينامية التنموية المقبلة.
في هذا السياق، شكل "ملتقى المقاولات الصغرى والمتوسطة" المنظم من طرف الاتحاد العام لمقاولات المغرب، بالدار البيضاء، محطة حوار استراتيجي جمعت الوزير المكلف بالإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات، يونس السكوري، بعدد من الفاعلين الاقتصاديين وأرباب المقاولات.
اللقاء، الذي حضره رئيس الاتحاد شكيب لعلج، ركز على التحديات الراهنة التي تواجه المقاولات الصغيرة، وكذا الإصلاحات التي تعتزم الحكومة تنزيلها لتقوية تنافسيتها، وتأهيلها للاستفادة من الفرص الاستثمارية الكبرى التي تلوح في الأفق.
وكشف الوزير السكوري خلال هذا اللقاء عن حزمة من التدابير قيد التفعيل، تروم معالجة الاختلالات البنيوية التي تشكو منها المقاولات الصغيرة، وفي مقدمتها تسهيل الولوج إلى التمويل، عبر تقوية التنسيق مع القطاع البنكي، وتتبع الملفات العالقة، وتوفير ضمانات أكثر مرونة.
كما أعلن عن توجه الحكومة لاعتماد دفاتر تحملات كآلية بديلة لتقليص التعقيدات الإدارية المرتبطة برخص مزاولة الأنشطة الاقتصادية، والتي طالما شكلت عقبة أمام المبادرات الاستثمارية الجديدة.
إلى جانب ذلك، تم التأكيد على مواصلة تفعيل مرسوم الاستثمار الجديد الذي يمنح تحفيزات مالية موجَّهة نحو القطاعات ذات الأولوية، وخاصة في الجهات الأقل استفادة من المشاريع الكبرى، وهو ما يتماشى مع التوجه نحو عدالة مجالية حقيقية تخلق فرص شغل مستدامة وتنعكس على المؤشرات الاجتماعية محليًا.
ولم يَفُت الوزير أن يؤكد على أن إصلاح مدونة الشغل بات ضرورة ملحة، لكونها في صيغتها الحالية لا تواكب تحولات سوق العمل ولا تستجيب لحاجيات المقاولات في ما يخص المرونة في التشغيل، والعمل الموسمي، والجزئي، وعن بُعد.
وفي خطوة استراتيجية أخرى، أعلن السكوري عن إصلاح عميق لوكالة "أنابيك"، بهدف جعلها أكثر نجاعة في تتبع وتأطير الفئات غير المكوّنة أو المنقطعة عن الدراسة، والذين يمثلون أكثر من نصف العاطلين عن العمل.
وشدد رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب، شكيب لعلج، بدوره على أن التحدي الأكبر اليوم هو تقليص آجال التراخيص وتأمين شروط بيئية مواتية للاستثمار، خصوصاً في ظل استحقاقات المرحلة المقبلة التي تستوجب رفع جاهزية المقاولات الوطنية، وتحرير طاقاتها للمساهمة في المشاريع الكبرى، مشيراً إلى أن هذه الفئة خلقت 80 في المائة من مناصب الشغل الجديدة خلال السنوات الخمس الأخيرة.
ومع اقتراب انطلاق الاستعدادات اللوجستية والتنموية المرتبطة بكأس العالم 2030، يتزايد الضغط على الفاعل العمومي لتسريع وتيرة الإصلاحات، وتوفير الشروط الملائمة لتمكين المقاولات الصغرى والمتوسطة من لعب دورها الكامل في الورش الوطني.