مناورات تبون تفشل في ليوبليانا.. سلوفينيا ترفض تغيير موقفها من الصحراء المغربية رغم اتفاق الغاز

في موقف يؤكد على ثبات المبادئ وتماسك السياسة الخارجية، جددت سلوفينيا دعمها لحل "عادل ودائم" لقضية الصحراء المغربية تحت رعاية الأمم المتحدة، ضاربة عرض الحائط بالمناورات السياسية التي حاول النظام الجزائري تمريرها خلال زيارة رسمية للرئيس عبد المجيد تبون إلى ليوبليانا.
ورغم استخدام الجزائر لورقة الغاز كورقة ضغط في محاولة لاستمالة هذا البلد الأوروبي لتبني مواقفها الانفصالية، إلا أن الموقف السلوفيني بقي واضحاً ومتزناً، في انسجام تام مع الشرعية الدولية، ومع المبادئ التي دأبت على الدفاع عنها في المحافل الدولية.
الزيارة التي قام بها الرئيس الجزائري مؤخراً إلى سلوفينيا كانت مخصصة لتوقيع عدد من الاتفاقيات الاقتصادية.
ووفقا لتقارير إعلامية، فقد حاولت الجزائر أن توظف هذه الزيارة سياسياً لتقديم سلوفينيا كداعم محتمل لأطروحة "تقرير المصير" التي تروج لها بشأن قضية الصحراء، غير أن البلاغات الرسمية والتصريحات الصادرة عن الجانب السلوفيني، سواء من مؤسسة الرئاسة أو من وزارة الخارجية، جاءت لتكذب تلك الرواية بشكل صريح.
وحسب ما أوردته صحيفة The Slovenia Times، فإن الرئيسة السلوفينية ناتاشا بيرتس موسار، خلال المحادثات التي جمعتها بالرئيس تبون، شددت على أن بلادها متمسكة بموقفها الداعم لحل النزاع في الصحراء المغربية في إطار الأمم المتحدة، وهو الموقف ذاته الذي عبرت عنه سلوفينيا في مناسبات سابقة للمملكة المغربية.
وفي السياق ذاته، لم تُدرج وزيرة الخارجية السلوفينية طانجا فاجون قضية الصحراء المغربية ضمن المواضيع التي تم التباحث حولها مع تبون، مكتفية بالإشارة إلى تطابق مواقف البلدين حول القضية الفلسطينية.
ووفقا للتقارير فإن الاتفاق الغازي الذي وُقّع خلال الزيارة بين شركة Geoplin السلوفينية ومجمع سوناطراك الجزائري، والذي يقضي برفع إمدادات الغاز إلى 500 مليون متر مكعب سنوياً لمدة عامين إضافيين، لم يكن كافياً لتليين الموقف السلوفيني من النزاع.
وهو ما يؤكد أن سلوفينيا، رغم حاجتها إلى تنويع مصادر الطاقة بعد أزمة الغاز الأوروبية، لا تساوم على المبادئ مقابل الإمدادات، وهو درس دبلوماسي يُحسب لهذا البلد الأوروبي الصغير.
وتعيد هذه التطورات التأكيد على أن الموقف السلوفيني ليس ظرفياً أو تكتيكياً، بل يستند إلى مرجعية أممية واضحة، تنبني على دعم الحل السياسي الواقعي والعملي والدائم، كما صرحت بذلك نائبة رئيس الوزراء ووزيرة الخارجية طانجا فاجون، التي سبق وأكدت أن المبادرة المغربية للحكم الذاتي، المقدمة سنة 2007، تمثل أساساً جاداً ومناسباً لحل النزاع المفتعل حول الصحراء.
وفي أكثر من مناسبة، شددت سلوفينيا على دعمها للدور الحصري للأمم المتحدة في تدبير هذا الملف، وعلى أهمية التوصل إلى حل سياسي متوافق عليه، يقوم على التوازن بين مصالح الأطراف، ويحفظ الاستقرار الإقليمي، ويتناغم مع قرارات مجلس الأمن، بما فيها القرار رقم 2703 الصادر في أكتوبر 2023، الذي يعكس الإجماع الدولي المتنامي حول دعم الحل المغربي.
الموقف السلوفيني، الذي يكتسي رمزية خاصة كونه يأتي من دولة عضو بالاتحاد الأوروبي، يوجه رسالة واضحة للجزائر مفادها أن لغة الابتزاز الاقتصادي لم تعد تجدي، وأن التموقعات الدولية تُبنى على مبادئ راسخة ومواقف متوازنة، لا على المناورات الظرفية أو الابتزاز السياسي عبر موارد الطاقة.
وتبقى قضية الصحراء المغربية اليوم، أكثر من أي وقت مضى، معياراً لاختبار صدقية المواقف الدولية في احترام الشرعية، والابتعاد عن ازدواجية المعايير.