تحذيرات من مخاطر صحية في أسواق "البال".. وغياب الرقابة يثير قلق البرلمان

يشهد قطاع الملابس المستعملة، المعروف محليًا بـ"البال"، انتشارًا متزايدًا في الأسواق المغربية، مدفوعًا بارتفاع تكاليف المعيشة وتراجع القدرة الشرائية لشريحة واسعة من المواطنين، ما يجعل هذه الملابس خيارًا مغريًا للباحثين عن الأناقة بتكلفة منخفضة.
غير أن هذا الإقبال الكبير يخفي وراءه مخاطر صحية متنامية، خصوصًا في ظل غياب آليات صارمة للفحص والمراقبة قبل دخول هذه المنتجات إلى التراب الوطني أو عرضها في الأسواق الشعبية المنتشرة بمختلف المدن.
فالملابس المستعملة، على الرغم من مظهرها الخارجي الجذاب أحيانًا، تمر عبر مسارات استيراد لا تخضع غالبًا لمعايير واضحة في التعقيم أو شروط التخزين والنقل، ما يفتح الباب أمام احتمال تسرب أمراض جلدية وفطرية، بل وحتى عدوى فيروسية وبكتيرية إلى المستهلكين.
وقد حذرت تقارير صحية متعددة، سواء محلية أو دولية، من أن هذه الملابس قد تحمل مسببات أمراض كامنة تنتقل بسهولة عبر الجلد أو التلامس المباشر، لا سيما إذا كانت مخزنة في ظروف غير صحية أو قادمة من مناطق موبوءة.
ومع ارتفاع درجات الحرارة في فصلي الربيع والصيف، تتضاعف المخاطر، حيث يُقبل الكثير من المواطنين على اقتناء هذه الملابس دون إدراك لما قد تحمله من تهديدات خفية للصحة العامة.
ويزداد القلق من غياب أي علامات دالة على أن هذه المنتجات خضعت للفحص أو التعقيم، أو تم التأكد من سلامتها قبل عرضها في متناول المستهلكين.
في هذا السياق، دخل البرلمان على خط هذه القضية، حيث وجهت النائبة البرلمانية فدوى محسن الحياني عن حزب الحركة الشعبية سؤالًا كتابيًا إلى وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، داعية إلى فتح هذا الملف على مصراعيه.
واعتبرت النائبة البرلمانية أن ما يشهده سوق "البال" يشكل تهديدًا حقيقيًا للسلامة الصحية للمواطنين، ويستدعي تدخلاً مستعجلاً من قبل الجهات الوصية.
وتساؤلاتها حملت طابعًا استباقيًا، إذ طالبت بالكشف عن الإجراءات المعتمدة لفحص هذه الملابس قبل تسويقها، وإن كانت الوزارة تتوفر على دفاتر تحملات تلزم الموردين باحترام شروط صحية واضحة تشمل التعقيم والتحاليل الميكروبية.
كما تساءلت عن مدى التنسيق القائم بين الوزارة والمصالح الصحية المختصة لرصد هذه المخاطر وضمان تتبعها بشكل مستمر، بالإضافة إلى التدابير الوقائية التي تعتزم الحكومة اتخاذها للحد من أي انعكاسات وبائية قد تنتج عن هذا النشاط التجاري غير المنظم.
وتأتي هذه المخاوف في وقت يعرف فيه سوق "البال" تطورًا لافتًا، سواء على مستوى الكميات المستوردة أو الفضاءات التي تُعرض فيها هذه الملابس، دون أي رقابة فعلية تُذكر.
وهو ما يدعو إلى مراجعة شاملة لسياسة استيراد الملابس المستعملة، ووضع آلية دقيقة للمراقبة والفحص والتعقيم قبل دخولها إلى التراب الوطني، حمايةً للمستهلك المغربي وضمانًا لسلامة الصحة العامة.