أوراش مونديال 2030 تنعش سوق البناء وتطلق دينامية تشغيل واسعة في المغرب

الكاتب : انس شريد

18 مايو 2025 - 11:50
الخط :

يشهد المغرب حركية تنموية متسارعة في قطاع البناء والأشغال العمومية، مدفوعة بالأوراش الكبرى التي أطلقتها الدولة في سياق الاستعداد لاستضافة نهائيات كأس العالم لكرة القدم 2030، بشراكة مع كل من إسبانيا والبرتغال.

هذه الدينامية غير المسبوقة جاءت لتترجم التحول العميق الذي يعرفه المغرب في مجال تطوير البنيات التحتية، بما يعكس الطموح الوطني في تقديم نسخة مونديالية تليق بمكانته الإقليمية والدولية.

وتوسعت خارطة المشاريع لتشمل عدة مجالات حيوية، من تحديث وتوسعة شبكات الطرق والسكك الحديدية، إلى تأهيل الملاعب والمنشآت الرياضية الكبرى، وصولًا إلى إنشاء مرافق فندقية وسياحية بمواصفات عالمية.

ويُنتظر من هذه المشاريع أن تعزز من جاذبية المملكة على مختلف الأصعدة، لا سيما في ما يتعلق باستقطاب الاستثمارات وخلق فرص الشغل وتحفيز النمو الاقتصادي.

قطاع البناء والأشغال العمومية كان أول المستفيدين من هذه الطفرة، حيث عرفت السوق الوطنية نشاطًا مكثفًا في استقطاب اليد العاملة بمختلف مستوياتها، بدءًا من العمال والصناع المؤهلين، وصولًا إلى المهندسين والتقنيين.

وفي هذا السياق، أفاد وزير التجهيز والماء، نزار بركة، مؤخرا، بأن القطاع ساهم في إحداث نحو 52 ألف فرصة شغل خلال الفصل الأول من سنة 2025، وهو رقم يعكس بوضوح الزخم الذي يعرفه المجال.

جاء ذلك في تصريح أدلى به بركة للصحافة على هامش الاجتماع الذي ترأسه رئيس الحكومة، عزيز اخنوش، وخصص لتتبع تنزيل خارطة طريق قطاع التشغيل.

وأبرز الوزير في هذا الاتجاه، أن الأوراش الكبرى التي تباشرها الحكومة تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، تسهم في إحداث العديد من فرض الشغل.

وتؤكد المعطيات الصادرة عن وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة هذا المنحى التصاعدي، إذ سجلت مبيعات الإسمنت ارتفاعًا بنسبة 10.34 في المائة عند متم أبريل الماضي، لتصل إلى 4.52 مليون طن.

في وقت بلغت فيه التسليمات خلال شهر أبريل وحده 1.14 مليون طن، بنسبة نمو فاقت 31.98 في المائة مقارنة بالفترة ذاتها من سنة 2024.

وتوزعت هذه المبيعات على مختلف الاستعمالات، من بينها الخرسانة الجاهزة، الخرسانة المعدة مسبقًا، البناء، البنية التحتية، والملاط، ما يدل على تنوع الأوراش وتعددها.

 

وتعد الملاعب الرياضية من أبرز المشاريع التي تخضع لعمليات تجديد شاملة، وفق معايير الاتحاد الدولي لكرة القدم، لتكون جاهزة لاستضافة المباريات واستقبال الجماهير من مختلف دول العالم. وقد أحرزت شركات مغربية متخصصة في البناء والهندسة نصيبًا مهمًا من هذه المشاريع، وهو ما يعكس قدرة الكفاءات الوطنية على مواكبة المشاريع الكبرى وإنجازها بالجودة والسرعة المطلوبتين.

 

في موازاة ذلك، تعمل الحكومة على تقوية البنية التحتية الخاصة بالنقل، من خلال تحسين الربط بين المدن وتوسيع شبكة الطرق السيارة وتعزيز خدمات السكك الحديدية، بما يضمن تنقلًا مريحًا وسلسًا للجماهير والسياح خلال فترة المنافسات. ويشكل هذا الجانب عنصرًا حاسمًا في توفير تجربة متكاملة لزوار المملكة خلال الحدث العالمي.

 

القطاع السياحي بدوره ينال حيزًا مهمًا من هذه التحضيرات، من خلال إطلاق مشاريع فندقية ومنتجعات سياحية جديدة، بمواصفات تلائم تطلعات الزوار الدوليين وتستجيب لمعايير الراحة والرفاهية. هذه الاستثمارات من شأنها أن تعزز مكانة المغرب كوجهة سياحية عالمية، وتوفر فرص شغل إضافية في مجالات مرتبطة بخدمات الإيواء، الضيافة، والصناعة التقليدية.

وبينما تتواصل وتيرة الإنجاز على الأرض، ينظر المراقبون إلى مونديال 2030 كفرصة تاريخية للمغرب لإعادة تشكيل بنيته التحتية وفق نموذج تنموي طموح، يجعل من الرياضة مدخلًا لتقوية الاقتصاد الوطني، وتحقيق التوازن المجالي، وبناء مغرب جديد قادر على التفاعل مع التحولات العالمية الكبرى بثقة وكفاءة.

آخر الأخبار