قضية "بيع الشواهد الجامعية"...فصول قاتمة من حكاية كتبت بحبر ثقيل

الكاتب : الجريدة24

19 مايو 2025 - 11:00
الخط :

أمينة المستاري

 بعد سنواتٍ من طيّ الشكايات التي وُجهت ضد الأستاذ الجامعي المعروف بأسفي، ظلّ اسمه يتردد في الكواليس، محاطًا بهالة من الشكوك والهمس، تفجرت قضية أخرى لتنضاف إلى سجل الأستاذ الجامعي بكلية الحقوق بأكادير، وانكشفت فصول أخرى أكثر قتامة من حكايته بآسفي.

ومع انتقاله إلى كلية الحقوق بجامعة ابن زهر، بدأت ملامح هذه القصة تتبدل. فالرجل الذي حمل لقب "الأستاذ" لم يعد مجرد أستاذ جامعي، بل أصبح محور شبكة معقدة تتقاطع فيها خيوط المال والتعليم والنفوذ، وتنهار فيها أسس الاستحقاق والعدالة الأكاديمية.

فصول جديدة كُتبت هذه المرة بحبر ثقيل: بيع شهادات جامعية، تلاعب في مباريات التوظيف، وإقصاء متعمد لطلبة متفوقين لصالح أبناء نافذين أو أصحاب وساطات.

الشرارة التي فجّرت المستور لم تكن سوى قضية نصّاب انتحل صفة مستشار وقاضٍ دولي، تورط في عمليات نصب كبرى دفعت ضحاياه إلى رفع شكايات متلاحقة. وخلال تفتيش منزله، كانت المفاجأة أكبر مما توقعه المحققون: شواهد جامعية موقعة ومختومة بختم الأستاذ نفسه، ووثائق تثير الكثير من الريبة. ومع انكشاف خيوط أخرى، برز اسم موثق حصل هو الآخر على شهادة ماستر مقابل مبلغ مالي كبير، فكان ذلك دافعًا قويًا لدخول الفرقة الوطنية على الخط.

على مدى سنة كاملة، توسّع التحقيق، وتمت ملاحقة كل الخيوط التي قادت في النهاية إلى الأستاذ المودع بسجن الأوداية بمراكش بناء على أمر قاضي التحقيق المكلف بجرائم الأموال، فيما وُضع ستة متهمين آخرين تحت المراقبة القضائية، مع سحب جوازات سفرهم وإغلاق الحدود في وجوههم.

في مؤسسات يُفترض أن تكون حصونًا للعلم والبحث، تكشفت فئة قليلة حصلت على الشهادات دون جهد وبعضهم لم تطأ قدماه الجامعة إلا لماما، ومنهم من تجاوز كل المساطر القانونية بفضل المحاباة أو المقابل المادي.، لكن، في خضمّ هذا السواد، بقيت فئة من الطلبة والموظفين، الذين نالوا شهاداتهم بجهدهم، دون وساطة أو تلاعب، ورفضوا أن يكونوا جزءًا من هذا الانحدار.

كان الأستاذ قد فتح بابًا خلفيًا لعلاقات متشابكة جمعت بين محامين، ومسؤولين، ومنتخبين، وأبناء شخصيات وازنة، داخل ما أصبح يعرف بماستر "المنظومة الجنائية والحكامة الأمنية"، الذي وُصف لاحقًا بـ"الماستر العائلي بامتياز".

ومع توغل التحقيقات، بدأت العناوين السياسية تطفو على السطح. فالأستاذ الذي انضم مؤخرًا إلى حزب سياسي وتقلد فيه منصب منسق إقليمي، وجد نفسه وسط فضيحة هزت الحزب من الداخل، وأدت إلى تجميد عضويته فور تفجّر القضية.

غير أن الجانب الأكاديمي والسياسي لم يكن سوى جزءًا من الصورة، فقد كشفت التحريات أيضًا عن الوجه الآخر من حياته: أرصدة مالية ضخمة في حساب زوجته المحامية المتمرنة، وممتلكات موزعة على مدن عدة...فمن أين له كل ذلك؟ سؤال بل هي أسئلة كثيرة تطرح في انتظار أن تميط العدالة اللثام عن كل الفصول المسكوت عنها.

آخر الأخبار