تقرير: الاحتكار الخفي يهدد الاقتصاد المغربي

كشف تقرير حديث صادر عن البنك الدولي، عن مفارقة مثيرة في بنية الاقتصاد المغربي، عنوانها الأساس عجز الشركات عن النمو.
وأوضح التقرير أنه بينما تحقق الشركات المغربية مكاسب إنتاجية من خلال تعزيز حضورها في السوق، فإن تلك المكاسب تتلاشى تدريجيا بسبب عجز الشركات ذات الكفاءة العالية عن النمو، مما يؤدي إلى تباطؤ عام في أداء الاقتصاد الوطني.
مكاسب وخسائر
ويشير التقرير إلى أن نمو إنتاجية العمالة في المغرب مدفوع بشكل أساسي بما يسمى بعنصر "التواجد"؛ أي أن الشركات القائمة استطاعت تحسين إنتاجيتها من خلال زيادة حصتها في السوق. غير أن هذه المكاسب أُحبطت بفعل عنصر "الاستمرار"، الذي يسلط الضوء على إشكالية تراجع الحصة السوقية للشركات الأكثر إنتاجية، في مقابل توسع الشركات الأقل كفاءة.
ولفت المصدر إلى انه لو بقيت الحصص السوقية على حالها، لارتفعت إنتاجية العمالة بنسبة 5%، وهو ما يتجاوز بأكثر من ضعف معدل النمو الحالي البالغ 2.2%، وفقا لتحليل التقرير.
ضعف في دينامية السوق
ومن بين العوائق التي تعرقل التحليل الدقيق لنمو السوق، الإشكال المرتبط بقياس "الخروج من السوق"، يضيف التقرير.
وأبرز ذات المصدر أنه منذ 2018، سمحت السلطات المغربية للشركات غير القادرة على المنافسة بأن تصنف كـ"خاملة" لمدة تصل إلى عامين، ما يعفيها من التزامات ضريبية، لكنه في الوقت ذاته يطمس الصورة الحقيقية لمدى حركية السوق ويصعب رصد خروج الشركات غير الفعالة.
الخدمات ترتفع والصناعة تتراجع
وأظهرت بيانات البنك الدولي أن النمو في إنتاجية العمالة جاء أساسا من قطاع الخدمات، الذي سجل ارتفاعا بنسبة 8%، بينما انخفضت الإنتاجية في القطاع الصناعي بنسبة 6%، ما يكشف عن تحول بنيوي نحو قطاع أقل كثافة في رأس المال، لكنه أكثر قدرة على التكيف.
عقبات في وجه الشركات
وقال التقرير إن من أبرز المشاكل التي يواجهها الاقتصاد المغربي، محدودية قدرة الشركات المنتجة على التوسع.، لافتا إلى أن الشركات ذات الكفاءة العالية لا تحصل على فرص تمويل أفضل من نظيراتها الأقل إنتاجية.
وتشكو غالبية الشركات من صعوبة العثور على يد عاملة ماهرة، وهو ما يمثل عائقًا حقيقيًا أمام تحسين الأداء.
الاحتكار الخفي
ويرى البنك الدولي أن غياب المنافسة الفعلية يمثل عائقا بنيويا أمام تطور السوق المغربي.
ونبه إلى أنه عندما تصل الشركات إلى حجم معين، تبدأ في الاعتماد على هيمنتها السوقية بدلا من مواصلة تحسين كفاءتها. وتسجل الشركات المغربية عادة، وفق التقرير، هوامش ربح أعلى من مثيلاتها في المنطقة، ما يشير إلى ضعف الضغط التنافسي. كما أن قلة الشركات الجديدة القادرة على النمو السريع يعزز هذا الواقع، ويقلل من فرص دخول لاعبين جدد قادرين على تحريك عجلة الإنتاجية.
شركات تنتج أقل وتنمو أبطأ
وبين التقرير أن نحو 86% من الشركات في المغرب تشغل أقل من 10 موظفين، وهي نسبة مرتفعة جدا مقارنة بمتوسط 35% في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
وتظهر البيانات التي أوردتها التقرير أن الشركات "الأقدم عهدا" أكبر حجما، لكنها في العادة أقل إنتاجية من الشركات الحديثة، ما يشير إلى أن البقاء في السوق لا يرتبط بالضرورة بالكفاءة.