المعارضة تخشى استغلال العدالة الجنائية لتصفية الحسابات الانتخابية

الكاتب : انس شريد

20 مايو 2025 - 07:30
الخط :

أطلق عدد من النواب البرلمانيين تحذيرات شديدة اللهجة مما اعتبروه "استهدافا قانونيا" للمنتخبين، محذرين من مخاطر الشكايات الكيدية والابتزاز باسم حماية المال العام، ومطالبين بإصلاحات عميقة تضمن التوازن بين المحاسبة والضمانات القانونية للفاعل السياسي.

الجدل تفجّر خلال مناقشة مشروع تعديل قانون المسطرة الجنائية بمجلس النوابب، حيث تركزت الانتقادات حول المادة الثالثة من مشروع القانون رقم 03.23، والتي وُصفت بأنها تتيح تأويلاً فضفاضاً قد يتحول إلى أداة لتصفية حسابات سياسية قبيل الاستحقاقات الانتخابية.

وكان الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية، في طليعة المعترضين على الصيغة الحالية للمادة، معتبرًا أن تعديلها لا يحصّن المنتخبين بل يعرّيهم أمام توظيفات سياسية وقانونية، قد تخلّ بمبدأ المساواة أمام القضاء.

النائبة البرلمانية مليكة الزخنيني، وفي مداخلة باسم الفريق، أظهرت قلقها من أن تؤدي هذه التعديلات إلى ترسيخ حالة هشاشة لدى المنتخب أمام المنظومة القضائية، مشيرة إلى ما اعتبرته ازدواجية في تعاطي الدولة مع الجمعيات المهتمة بالمال العام، قائلة إن المؤسسات التي تمنحها الترخيص هي نفسها التي تنتقد تدخلها.

وربطت الزخنيني هذه الإشكالات بسياق أوسع، معتبرة أن البلاد في حاجة إلى مسطرة جنائية حديثة، تضمن التوازن بين محاربة الفساد وحماية الحقوق، وتنسجم مع التزامات الدولة في بناء ديمقراطي متكامل.

كما نبهت إلى ضرورة إعادة النظر في المنظومة القانونية المؤطرة للانتخابات والمجتمع المدني، داعية إلى قرارات سياسية وتشريعية شجاعة، بدل الاستمرار في ما وصفته بـ"الضبابية التشريعية" و"الانتقائية التطبيقية".

موقف مماثل عبّرت عنه النائبة البرلمانية لطيف أعبوت عن الفريق الحركي، التي شددت على أن المادة المثيرة للجدل ينبغي أن تكون مدخلا لتنظيم العلاقة بين الدولة والجمعيات، لا وسيلة لتكميم الأفواه.

رغم دعمها لمبدأ حماية المال العام، فقد دعت إلى التمييز بين الجمعيات الجادة وتلك التي تستغل مواقعها للضغط أو الابتزاز، معتبرة أن الحل لا يكون بفرض قيود مطلقة، بل عبر آليات قانونية دقيقة وواضحة.

من جهتها، دعت النائبة البرلمانية لبنى الصغيري عن التقدم والاشتراكية إلى تجاوز المقاربات التي تؤدي إلى “معاقبة جماعية” للمجتمع المدني بسبب تجاوزات بعض الجمعيات.

وأكدت أن العمل الجمعوي يشكل ركيزة أساسية في محاربة الفساد وفي مراقبة تدبير المال العام، مطالبة بإطار قانوني يحفظ هذا الدور ولا يفرغه من محتواه الحقوقي والدستوري.

في المقابل، أعاد الفريق الاشتراكي التأكيد على أن السياسة الجنائية لا يمكن أن تُختزل في نصوص تقنية، بل يجب أن ترتبط بشكل وثيق بباقي السياسات العمومية.

وفي هذا الإطار، انتقد الفريق غياب رؤية واضحة لدى الحكومة، متهما إياها بالتردد في تنزيل إصلاحات جوهرية، وبالركون إلى نصوص "خرساء" لا تعكس روح دستور البلاد ولا تنتصر لمبادئ العدالة والكرامة.

وشدد النواب المعارضون على أن ما هو مطروح اليوم ليس مجرد تعديل تقني لقانون المسطرة الجنائية، بل لحظة سياسية مفصلية تتطلب جرأة في التشريع وتوازناً في التطبيق، بما يعيد الثقة للمواطن في العملية السياسية، ويضمن بيئة سليمة للمنافسة الانتخابية.

آخر الأخبار